والسحرة تعرضوا في إيمانهم للإيمان بموسى عليه السلام بقولهم : آمنا برب العالمين رب موسى وهرون فلا يقال : إن ايمان فرعون على طرز إيمانهم لذلك على أن حين آمنوا كان بمعجزة موسى عليه السلام والإيمان بالله تعالى مع الإيمان بمعجزة الرسول إيمان بالرسول فهم آمنوا بموسى عليه السلام بخلاف فرعون فإنه لم يتعرض للإيمان به عليه السلام أصلا بل في ذكره بني إسرائيل دونه مع أنه الرسول العارف بالإله وما يليق به والهادي إلى طريقه إشارة ما إلى بقائه على كفره به وما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره في توجيه آية حتى إذا أدركه الغرق إلخ خارج عن ذوق الكلام العربي وتجشم تكلف لا معنى له ويرشدك إلى بعض ذلك أنه قدس سره حمل قوله تعالى : ءالآن وقد عصيت إلخ على العتب والبشرى مع أنه لا يخفى أنه لو صح إيمانه وإسلامه لكان الأنسب بمقام الفضل الذي إليه طمح نظر الشيخ أن يقال له : الآن نقبلك ونكرمك لإستلزام صحة إيمانه رضا الحق عنه ومن وقع له الرضا لا يخاطب بمثل ذلك الخطاب كما لا يخفى على من له وقوف علىأساليب كلام العرب ومحاوراتهم وأيضا كيف يخاطب من محا الإيمان عصيانه وإفساده بما هو ظاهر في التأنيب المحض والتقريع الصرف والتوبيخ البحت فما ذلك إلا لإقامة أعظم نواميس الغضب عليه وتذكيره بقبائحه التي قدمها وإعلامه بأنها هي التي منعته عند النطق بالإيمان إلى حيث لا ينفعه وكذا تأويله فلم يك ينفعهم إيمانهم بأن النافع هوالله تعالى مع أن إصطلاح الكتاب والسنة نسبة الأشياء إلى أسبابها إيجابا وسلبا فإذا قيل : لا ينفع الإيمان فليس معناه الشرعي إلا الحكم عليه بأنه باطل لا يعتد به وأي معنى سوغ تخصيص نفع الله تعالى بذه التي هي حالة وقوع العذاب مع النظر إلى ما هو الواقع من أن الله تعالى هو النافع حقيقة في كل وقت ولو نفعهم لما إستأصلهم بالعذاب وقوله تعالى : وخسر هنالك المبطلون دليل واضح على أن المراد بلم يك ينفعهم إيمانهم أنهم باقون مع ذلك الإيمان على الكفر إلى غير ذلك مما لا يخفى على الناظر في كرمه قدس سره فالذي ينبغي أن يعول عليه ما ذهب أولا إليه وقد قالوا : إذا إختلف كلام إمام يؤخذ منه بما يوافق الأدلة الظاهرة ويعرض عما خالفها ولا شك أن ما ذهب إليه أولا هو الموافق لذلك على أنه لو لم يكن له قدس سره إلا القول بقبول إيمانه لا يلزمنا إتباعه في ذلك والأخذ به لمخالفته ما دل عليه الكتاب والسنة وشهدت به أئمة الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المجتهدين وجلالة قائله لا توجب القبول فقد قال مالك وغيره : ما من أحد إلامأخوذ من قوله ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر يعني النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعن علي كرم الله تعالى وجهه : لا تنظر إلى من قال وإنظر إلى ما قال وكأنالشيخ قدس سره قال ذلك من طريق النظر والنظر يخطيء ويصيب ومن علم أن للنبي E إجتهادا جاء الوحي بخلافه لم يستعظم ما قيل في الشيخ وإن كان هو هو على أنه قال ذلك من طريق إلا أنه أبدى الإستدلال تفهيما وإرشادا إلى أن فهمه لم يخالف ما يدل عليه الكتاب لم يلزمنا أيضا تقليده بل قد مر عن الإمام الرباني قدس سره أنه لا يجوز تقليد الكشف وصرح غير واحد بأنه ليس بحجة على الغير كالإلهام ولا يثبت به حكم شرعي وأنت تعلم أنه لو كان كل من القولين من طريق الكشف يلزم إنقسام الكشف إلى صواب وخطأ كالنظر ضرورة عدم إجتماع الإيجاب والسلب على الكذب ولا على الصدق وهو ظاهر وقد قال بعضهم : بالإنقسام ويخفي وجهه ومن الناس من أول كلام الشيخ المثبت لقبول الإيمان بأن المراد بفرعون فيه النفس