وشنع عليه وقال : إنما مثله مثل رجل خامل الذكر لما قدم مكة بال فيزمزم ليشتهر بين الناس وفي المثل خالف تعرف ويؤيد كونها ليست للجلال أنه شافعي المذهب كما يشهد لذلك حاشيته على الأنوار وفي فناوي ابن حجر أن بعض فقهائنا كفر من ذهب إلى إيمان فرعون مع ماعليه تلك الرسالة من إختلال العبارة وظهور الركاكة وعدم مشابهتها لسائر تأليفاته ولولا خوف الإطالة لسردتها عليك وبالجملة ظواهر الآي صريحة في كفر فرعون وعدم قبول إيمانه ومن ذلك قوله سبحانه : وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فإنه ظاهر في إستمرار فرعون على الكفر والمعاصي الموجبة لما حل به كما يدل عليه التعبير بكان والفعل المضارع ومع الإيمان لا إستمرار على أن نظمه في سلك من ذكر معه ظاهر أيضا في المدعى وألحق بعضهم بذلك قوله تعالى : يأخذه عدو لي وعدو له بناء على أن عدو صفة مشبهة وهي للثبوت فيدل على ثبوت عداوته لله تعالى وعداوته لرسوله عليه السلام وثبوت إحدى العداوتين كاف في سوء حاله خلافا لمن وهم وقد صرحوا أيضا بأن إيمان البأس واليأس غير مقبول ولا شك أن إيمان المخذول كان من دلك القبيل وإنكاره مكابرة وقد حكى إجماع الأئمة المجتهدين على عدم القبول ومستندهم فيه الكتاب والسنة وما ينقل عن الإمام مالك من القبول لم يثبت عند المطلعين على أقوال المجتهدين وإختلافاتهم نعم صرح الغمام القاضي عبدالصمد من ساداتنا الحنفية في تفسيره بأن مذهب الصوفية أن الإيمان ينتفع به ولو عند معاينة العذاب وهذا الإمام متقدم على الشيخ الأكبر قدس سره بنحو مائة سنة وحينئذ تشكل حكاية الإجماع إلا أن يقال : بعدم تسليم صحة ذلك عن الصوفية الذين هم من أهل الإجتهاد المعول عليهم لما فيه من المخالفة للادلة الظاهرة في عدمالنفع فلا يخل ذلك بالإجماع بالإجماع وفي الزواجر أنه على تقدير التسليم لا يضرنا ذلك في دعوى إجماع الأمة على كفر فرعون لأنا نحكم بكفره لأجل إيمانه عند البأس فحسب بل لما إنضم إليه من أنه لم يؤمن بالله تعالى ايمانا صحيحا بل كان تقليدا محضا بدليل قوله : إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل فكأنه إعترف بانه لا يعرف الله تعالى وإنما سمع من بني إسرائيل أن للعالم إلها فآمن بذلك الإله الذي سمع بني إسرائيل يقرون بوجوده وهذا هو محض التقليد الذي لا يقبل لا سيما من مثل فرعون الذي كان دهريا منكرا لوجود الصانع فانه لابد له من برهان قطعي يزيل ما هو عليه من الإعتقاد الخبيث البالغ نهاية القبح والفحش وأيضا لا بد في إسلام الدهري ونحوه ممن كان قد دان بشيء أن يقر ببطلان ذلك الشيء الذي كفر به فلو قال : آمنت بالذي لاإله غيره لم يكن مسلما وفرعون لم يعترف ببطلان ما كان كفر به من نفي الصانع وإدعاء الإلهية لنفسه الخيثة وقوله : إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل لا يدري ما الذي اراد به فلذا صرح الأئمة بأن آمنت بالذي لا إله غيره لا يحصل الإيمان للإحتمال فكذا ما قاله وعلى التنزل فالإجماع منعقد على أن الإيمان بالله تعالى مع عدم الإيمان بالرسول لا يصح فلو سلمنا أن فرعون آمن بالله تعالى إيمانا صحيحا فهو لم يومن بموسى عليه السلام ولا تعرض له أصلا فلم يكن إيمانه نافعا ألاترى أن الكافر لو قال ألوفا من المرات أشهد أن لاإله إلا الله أو إلا الذي آمن به المسلمون لا يكون مؤمنا حتى يقول وأن محمدا رسول الله