فيما عندهم ولم يعلموا أن وراء علومهم علوما لا تحصى يمن الله تعالى بها على من يشاء وفي قوله تعالى : وقل رب زدني علما إشارة إلى ذلك فما أولاهم بأن يقال لهم : ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ومن العجيب أنهم إذا سمعوا شيئا من أهل الله تعالى مخالفا لما عليه مجتهدوهم ردوه وقالوا : زيغ وضلال وإعتمدوا في ذلك على مجرد تلك المخالفة ظنا منهم أن الحق منحصر فيما جاء به أحرا أولئك المجتهدين مع أن الإختلاف لم يزل قابما بينهم على ساق .
على أنه قد يقال لهم : ما يدريكم أن هذا القائل الذي سمعتم منه ما سمعتم وأنكرتموه أنه مجتهد أيضا كسائر مجتهديكم فإن قالوا : إن للمجتهد شروطا معلومة وهي غير موجودة فيه قلنا : هذه الشروط التيوضعت للمجتهد في دين الله تعالى هل هي منقولة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صريحا أو صنعتموها أنتم من تلقاء أنفسكم أو صنعها المجتهد فإن كانت منقولة عن الرسول E فأتوا بها وإتلوها وصححوا نقلها إن كنتم صادقين وهيهات ذاك وإن كان الواضع لها انتم وأنتم أجهل من ابن يوم فهي رد عليكم ولا حبا ولا كرامة على أن في إعتبارها أخذا بكلام من ليس مجتهدا وأنتم لا تجوزونه وإن كان الواضع لها المجتهد فإثبات كونه مجتهدا متوقف على إعتبار تلك الشروط وإعتبار تلك الشروط متوقف على إثبات كونه مجتهدا وهل هذا الا دور وهو محال لو تعقلونه وأيضا لم لا يجوز أن تكون تلك الشروط شروطا للمجتهد النقلي وهناك مجتهد آخر شرطه تصفية النفس و تزكيتها وتخلقها بالخلق الرباني وتهيؤها وإستعدادها لقبول العلم من الله تعالى و أي مانع من أن يخلق الله تعالى العلم في من صفت نفسه و تهيأت بالفقر و اللجأ إلى الله تعالى و صدق عزمه في الأخذ ولم يتكل علىحوله وقوته كما يخلقه فيمن إستوفى شروط الإجتهاد عندكم فإجتهد وصرف فكره ونظره والقول بأنه سبحانه إنما يخلق العلم في هذا دون ذاك حجر على الله تعالى وخروج عن الإنصاف كما لا يخفى فلا ينبغي المصنف العارف بأن الفضل بيد الله يوتيه من يشاء من عباده إلا أن يسلم لمنظهرت فيه آثار التصفية والتهيء وسطعت عليه أنوار التخلق بالخلق الرباني ما أتى به ولو لم يأت به مجتهد ما لم يخالف ما علم مجيئه من الدين بالضرورة ويأبى الله تعالى أن يأتى ذلك بمثل ما ذكر .
لكن ذكر مولانا اللإمام الرباني ومجدد الألف الثاني قدس سره في بعض مكتوباته الفارسية أنه لا يجوز تقليد أهل الكشف في كشفهم لأن الكشف لا يكون حجة على الغير وملزما له وقد يقال : ليس في هذا أكثر من منع تقليد أهل الكشف و محل النزاع الإنكار عليهم و رميهم العياذ بالله تعالى بالزندقة وليس في الكلام أدنىرائحة منه كما لا يخفى إن الله لذو فضل على الناس بصنفي العلمين وإفاضتهما بعد تهيئة الإستعداد لقبولهما ولكن أكثرهم لا يشكرون ذلك ولا يعرفون قدره فيمنعون عن الزيادة وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه إخبار منه تعالى بعظيم اطلاعه سبحانه على الخواطر وما يجري في الضمائر فلا يخفى عليه جل شأنه خاطر ولا ضمير 0 ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ثمأخبر جل وعلا عن سلطان إحاطته على كل ذرة من العرش إلى ما تحت الثرى بقوله تبارك إسمه : وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء أي إن علمه سبحانه محيط بما في العالم السقلي والعلوي فكل ذرة من ذارته داخلة في حيطة علمه كيف لا وكلها قائمة به جل شأنه ينظر إلى كل في كل آن