حكما إلهية وعن ابن عامر أنه قرأ ولا تتبعان بالنون الخفيفة المكسورة لإلتقاء الساكنين ووجه ذلك ابن الحاجب بأن لا نافيةوالنون علامة الرفع والجملة إما في موضع الحال من الضمير المرفوع في استقيما كأنه قيل : إستقيما غير متبعين والجملة المضارعيةالمنفية بلا الواقعة حالا يجوز إقترانها بالواو وعدمه خلافا لمنزعم وجوب عدم الإقتران بالواو إلا أن يقدر مبتدأ وإما معطوفة على الجملة الطلبية التي قبلها وهي وإن كانت خبرية لفظا إلا أنها طلبيةمعنى لأن المراد منها النهي كما في قوله تعالى : تؤمنون بالله ورسوله ولا تعبدون إلا الله والنهي المخرج بصورة الخبر أبلغ من النهي المخرج بصورته ويجوز أن تعتبر الجملة مستأنفة للإخبار بأنهما لا يتبعان سبيل الجاهلين ومن الناس من جعل لا في قراءة العامة نافية أيضا وهو ضعيف لأن النفي لا يؤكد على الصحيح وقيل : لا ناهية والنون نون التوكيد الخفيفة كسرت لإلتقاء الساكنين وهو تخريج لين فإن الكسائي وسيبويه لا بحيزانه لأنهما يمنعان وقوع الخفيفة بعد الألف سواء كانت ألف التثنية أو الألف الفاصلة بين نون الإناث ونون التوكيد نحوهل تضربنان يا نسوة وأيضا النون الخفيفة إذا لقيها ساكن لزم حذفها عند الجمهور ولا يجوز تحريكها ولكن يونس والفراء أجازا ذلك وفيه عنهما روايتان إبقاؤها ساكنة لأن الألف لخفتها بمنزلة الفتحة وكسرها على أصل التقاء الساكنين وعلى هذا يتم ذاك التخريج .
وقيل : إن هذه النون هي نون التوكيد الثقيلة إلا أنها خففت وهو كما ترى وعنه أيضا ولا تتبعان بتخفيف التاء الثانية وسكونها وبالنون المشددة من تبع الثلاثي وأيضا ولا تتبعان وهي كالأولى إلا أن النون ساكنة على احدى الروايتين عمن تقدم في تسكين النون الخفيفة بعد الألف على الأصل وإغتفار إلتقاء الساكنين إذا كان الأول ألفا كما في محياي ثم اعلم أنه إشتهر في تعليل كسر النون في قراءة العامة بأنه لإلتقاءالساكنين وظاهره أنه بذلك زال إلتقاء الساكنين وليس كذلك إذ الساكنان هما الألف والنون الأولى ولا شيء منهما بمتحرك وإنما المتحرك النون الثانية ومن هنا قال بعض محققي النحاة : إن أصل التحريك ليتأتى الأدغام وكونه بالكسر تشبيها بنون التثنية وإلتقاء الساكنين أعني الألف والنون الأولى غير مضر لما قالوا من جوازه اذا كان الأولحرف مد والثاني مدغما في مثله كما في دابة لإرتفاع اللسان بهما معا حينئذ وقد حقق ذلك في موضعه فليراجع هذا والله تعالى أعلم .
ومن باب الإشارة في الآيات .
ومنهم من يستمعون اليك أفأنت تسمعالصم ولو كانوا لايعقلون أشار سبحانه إلى أنهم يستمعون لكن حكمهم حكم الأصم في عدم الإنتفاع وذلك لعدم إستعدادهم حقيقة أو حكما بأن كان ولكن حجب نوره رسوخ الهيآت المظلمة وكذا يقال فيما بعد ثم أنهتعالى رفع ما يتوهم من أن كونهم في تلك الحالة ظلم منه سبحانه لهم بقوله جل شأنه : إن الله لا يظلم الناس شيئا بسلب حواسهم وعقولهم مثلا ولكن الناس أنفسهم يظلمون حيث طلب إستعدادهم الغير المجعول ذلك ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار لذهولهم بتكاثف ظلمات المعاصي على قلوبهم يتعارفون بينهم بحكم سابقة الصحبة وداعيةالهوى اللازمة للجنسية الأصلية وهذا التعارف قد يبقى إذا إتحدوا في الوجهة وإتفقوا في المقصد وقد لا يبقى وذلك إذا إختلفت الأهواء وتباينت الآراء فحينئذ تتفاوت الهيئات المستفادة من لواحق النشأة فيقع التناكر وعوارض العادة قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوامهتدين