كان على وجه الإستحسان لكن قال صاحب الذخيرة : قد عثرنا على رواية عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أن الرضا بكفر الغير كفر من غيرتفصيل والمنقول عن علم الهدى أبي منصور الماتريدي التفصيل ففيالمسئلة إختلاف قيل : والمعول عليه أن الرضا بالكفر من حيث أنه كفركفر وأن الرضا به لا من هذه الحيثية بل من حيثية كونه سببا للعذاب الأليم أو كونه أثرا من آثار قضاء الله تعالى وقدره مثلا ليس بكفروبهذا يندفع التنافي بين قولهم : الرضا بالكفر كفر وقولهم : الرضا بالقضاء واجب بناء على حمل القضاء فيه على المقضي وعلى هذا لا يتأتىما قيل : إن الرضا العبد بكفر نفسه كفر بلا شبهة على إطلاقه بل يجري فيه التفصيل السابق في الرضا بكفر الغير أيضا ومن هذا التحقيق يعلم ما في قولهم : إن من جاءه كافر ليسلم فقال له : إصبر حتى أتوضأ أو أخره يكفر لرضاه بكفره في زمان من النظر ويؤيده ما في الحديث الصحيح في فتح مكة أن ابن أبي سرح أتى به عثمان رضي الله تعالى عنه إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقال : يا رسول الله بايعه فكف صلى الله عليه وسلّم يده عن بيعته ونظر إليه ثلاث مرات كل ذلك يأبى أن يبايعه فبايعه بعد الثلاث ثم أقبل A على أصحابه فقال : أماكان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله قالوا : وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك فقال E : إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين وقد أخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص وهو معروف في السير فإنهظاهر في أن التوقف مطلقا ليس كما قالوه كفرا فليتأمل قال قد أجيبت دعوتكما هو خطاب لموسى وهرون عليهما السلام وظاهره أن هرون عليهالسلام دعا بمثل ما دعا موسى عليه السلام حقيقة لكن إكتفى بنقل دعاء موسى عليه السلام لكونه الرسول بالإستقلال عن نقل دعائه وأشرك بالبشارة إظهارا لشرفه عليه السلام ويحتمل أنه لم يدع حقيقة لكن أضيفت الدعوة إليه أيضا بناء على أن دعوة موسى في حكم دعوته لمكان تابعاووزيرا له والذي تضافرت به الآثار أنه عليه السلام كان يؤمن لدعاءأخيه التأمين دعاء فإن معنى آمين أستجيب وليس إسما من أسمائه تعالى كما يروونه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قيل : ولكونهدعاء إستحب الحنفية الإسرار به وفيه نظر لأن الظاهر أن مدار إستحباب الأسرار والجهر ليس كونه دعاء فإن الشافعية إستحبوا الجهر به مع أن المشهور عنهم أنهم قائلون أيضابكونه دعاء وظاهر كلام بعض المحققين أن إضافة الرب الى ضمير المتكلم مع الغير في المواقع الثلاثة تشعر بأنه عليه السلام كان يؤمن لدعاء موسى عليه السلام ولا يخفى ما في ذلك الإشعار من الخفاء وقرىء دعواتكما بالجمع ووجهه ظاهر فاستقيما فإمضيا لأمري وأثبتا على ما أنتم عليه من الدعوة وإلزام الحجة ولا تستعجلا فإن ما طلبتماه كائن في وقته لا محالة أخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالىعنهما قال : يزعمون أن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة وأخرجابن جرير عن ابن جريج مثله وأخرج الترمذي عن مجاهد أن الدعوةأجيبت بعد أربعين سنة ولم يذكر الزعم ولا تتبعان سبيل الذينلا يعلمون 89 بعادات الله تعالى في تعليق الأمور بالحكم والمصالح أو سبيل الجهلة في عدم الوثوق بوعد الله سبحانه والنهي لا يقتضي صحةوقوع المنهي عنه فقد كثر نهي الشخص عما يستحيل وقوعه منه ولعلالغرض منه هنا مجرد تأكيد أمر الوعد وإفادة أن في تأخير إنجازه