للتفرقة بين الظرف المجرور الذي هو سبب يتوقف عليه في الجملة وإسناد الإبصار إلى النهار مجازى كالذي في قول جرير : لقد لمتنا باأم غيلان في السرى ونمت وما ليل المطي بنائم وقولهم : نهاره صائم وغير ذلك مما لا يحصى كثرة وإلى هذا ذهب ابن عطية وجماعة وقيل : إن مبصرا للنسب كلا بن تامر أي ذا إبصار إن في ذلك أي في الجعل المذكور أو في الليل والنهار وما في إسم الإشارة من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه وعلو رتبته لآيت أي حججا ودلالات على توحيد الله تعالى كثيرة أو آيات أخر غير ما ذكر لقوم يسمعون 67 أي الحجج مطلقا سماع تدبر وإعتبار أو يسمعون هذه الآيات المتلوة ونظائرها المنبهة على تلك الآيات التكوينية الآمرة بالتأمل فيها ذلك السماع فيعملون بمقتضاها وتخصيص هؤلاء بالذكر مع أن الآيات منصوبة لمصلحة الكل لما أنهم المنتفعون بها قالوا اتخذ الله ولدا شروع في ذكر ضرب آخر من أباطيل المشركين وبيان بطلانه والمراد بهؤلاء المشركين على ما قيل : كفار قريش والعرب فإنهم قالوا : الملائكة بنات الله تعالى واليهود والنصارى القائلون : عزير وعيسى عليهما السلام إبناه D والإتخاذ صريح في التبني وظاهر الآية يدل على أن ذلك قول كل المشركين وإذا ثبت أن منهم من يقول بالولادة والتوليد حقيقة كان ما هنا قول البعض ولينظر هل يجري فيه إحتمال إسناد ما للبعض للكل لتحقق شرطه أم لا يجري لفقد ذاك والولد يستعمل مفردا وجمعا .
وفي القاموس الولد محركة وبالضم والكسر والفتح واحد وجمع وقد يجمع على أولاد وولدة وإلدة بالكسر فيهما وولد الضم وهو يشمل الذكر والأنثى سبحانه تنزيه وتقديس له تعالى عما نسبوا إليه على ما هو الأصل في معنى سبحان وقد يستعمل للتعجب مجازا ويصح إرادته هنا والمرادالتعجب من كلمتهم الحمقى وجمع بعضهم بين التنزيه والتعجب ولعله مبني على أن التعجب معنى كنائي وأنه يصح إرادة المعنى الحقيقي في الكناية وهو أحد القولين في المسالة وقيل : إنه لا يلزم إستفادة معنى التعجب منه بإستعمال اللفظ فيه بل هو من المعاني الثواني وقوله سبحانه : هو الغني أي عن كل شيء في كل شيء علة لتنزهه تعالى وتقدس عن ذلك وإيذان بأن إتخاذ الولد مسبب عن الحاجة وهي التقوى أو بقاء النوع مثلا وقوله تعالى : له ما في السموات وما في الأرض أي من العقلاء وغيرهم تقرير لمعنى الغني لأن المالك لجميع الكائنات هو الغني وما عداه فقير وقيل : هو علة أخرى للتنزه عن التبني لأنه ينافى المالكية وقوله جل شأنه : إن عندكم من سلطان أي حجة بهذا أي بما ذكر من القول الباطل توضيح لبطلانه بتحقيق سلامة ما أقيم من البرهان الساطع عن المعارض والمنافي فإن نافية و من زائدة لتأكيد النفي ومجرورها مبتدأ والظرف المقدم خبره أو مرتفع على أنه فاعل لإعتماده على النفي و بهذا متعلق إما بسلطان لأنه بمعنىالحجة كما سمعت وإما بمحذوف وقع صفة له و قيل وقع حالا من الضمير المستتر في الظرف الراجع إليه وإما بما في عندكم من معنى الإستقرار ويتعين على هذا كون سلطان فاعلا للظرف لئلا يلزم الفصل بين العامل المعنوي ومتعلقه بأجنبي والإلتفات إلى الخطاب لمزيد المبالغة في الإلزام والإفحام وتأكيد ما في قوله تعالى :