متصل بقوله سبحانه : فإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم الآية وإختاره على ما فيه من البعد الطبرسي .
وقرأ نافع ولا يحزنك من أحزن وهو في الحقيقة نهى له صلى الله تعالى عليه وسلم عن الحزن كأنه قيل : لا تحزن بقولهم ولا تبال بكل ما يتفوهون به في شأنك مما لا خير فيه وإنما عدل عنه إلى ما في النظم الجليل للمبالغة في النهي عن الحزن لما أن النهي عن التأثير نهى عن التأثر بأصله ونفى له بالمرة ونظير ذلك كما مرة قولهم لا أرينك ههنا ولا يأكلك السبع ونحوه وقد وجه فيه النهي إلى اللازم والمراد هو النهي عن اللزوم قيل : وتخصيص النهي عن الحزن بالإيراد مع شمول النفي السابق للخوف أيضا لما أنه لم يكن فيه صلى الله تعالى عليه و سلم شائبة خوف حتى ينهى عنه وربما كان يعتريه صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض الأوقات حزن فسلي عنه ولا يخفى أنه إذا قلنا أن الخوف والحزن متقاربان فإذا إجتمعا إفترقا وإذا إفترقا إجتمعا كما علمت آنفا كان النهي عن الحزن نهيا عن الخوف أيضا إلا أن الأولى عدم إعتبار ما فيه توهم نسبة الخوف إلى ساحته E وإن لم يكن في ذلك نقص فقد جاء نهى الأنبياء عليهم السلام عن الخوف كنهيهم عن الحزن بل قد ثبت صريحا نسبة ذلك إليهم وهو مما لا يخل بمرتبة النبوة إذ ليس كل خوف نقصا لينزهوا عنه كيف كان .
إن العزة لله جميعا كلام مستأنف سيق لتعليل النهي وقيل : جواب سؤال مقدر كأنه قيل : لم لا يحزنه فقيل : لأن الغلبة والقهر لله سبحانه لا يملك أحد شيئا منها أصلا لا هم ولا غيرهم فلا يقهر ولا يغلب أولياءه بل يقهرهم و يغلبهم و يعصمك منهم وقرأ أبو حيوة أن بالفتح على صريح التعليل أي لأن وحمل قتيبة بن مسلم ذلك على البدل ثم أنكر القراءة لذلك لأنه يؤدي إلى أن يقال : فلا يحزنك أن العزة لله جميعا وهو فاسد وذكر الزمخشري أنه لو حمل على البدل لكان له جه أيضا على أسلوب ولا تكونن ظهيرا للكافرين ولا تدع مع الله الها ءاخر فيكون للتهييح والإلهاب والتعريض بالغير وفيه بعد هو السميع العليم 65 يسمع أقوالهم في حقك ويعلم ما يضمرونه عليك فيكافؤهم على ذلك وما ذكرناه في الآية هو الظاهر المتبادر وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : لما لم ينتفعوا بما جاءهم من الله تعالى وأقاموا على كفرهم كبر ذلك على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فجاءه من الله سبحانه فيما يعاقبه ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم يسمع ما يقولون ويعلمه فلو شاء بعزته لإنتصر منهم ولا يخفى أنه خلاف الظاهر جدا مع ما فيه من تعليق العلم بما علق بالسمع ولعل عن الحبر غير معول عليها .
ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض أي من الملائكة والثقلين كما يدل عليه التعبير بمن الشائع في العقلاء والتغليب غير مناسب هنا ووجه تخصيصهم بالذكر الإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بغيرهم فإنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم إذا كانوا عبيد الله مملوكين له سبحانه فما عداهم من الموجودات أولى بذلك والجملة مع ما فيها من التأكيد لما سبق من إختصاص العزة به جل شأنه الموجب لسلوته E وعدم مبالاته بمقالات المشركين تمهيد لما لحق من قوله سبحانه : وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء ودليل على بطلان ظنونهم وأعمالهم المبنية عليها والإقتصار على أحد الأمرين قصور فلا تكن من القاصرين و ما نافية وشركاء مفعول يتبع ومفعول يدعون محذوف لظهوره أي ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء في