قدم صدق عند ربهم وقوله سبحانه : يبشرهم ربهم برحمة منه الآية وقوله جل وعلا : وبشر الصابرين إلى غير ذلك وأخرج ابن أبي شيبة وغيره عن الضحاك أنه قال في ذلك : إنهم يعلمون أين هم قبل أن يموتوا وجاء في تفسير البشرى في الآخرة ما سمعت في الخبر عن جابر الأخير .
وأخرج ابن جرير وغيره عن أبي هريرة مرفوعا أنها الجنة وعن عطاء أن البشرى في الدنيا أن تأتيهم الملائكة عند الموت بالرحمة قال الله تعالى : تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة وأما البشرى في الآخرة فتلقى الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يردون من بياض وجوههم وإعطاء الصحائف بأيمانهم وما يقرأون منها وغير ذلك من البشارات وقيل : المراد بالبشرى العاجلة نحو النصر والفتح والغنيمة والثناء الحسن والذكر الجميل ومحبة الناس وغير ذلك وأما البشرى الآجلة فغنية عن البيان وأنت تعلم أنه لا ينبغي العدول عما ورد عن رسول الله صلىالله تعالى عليه وسلم في تفسير ذلك إذاصح وحيث عدل من عدل لعدم وقوفه على ذلك فيما أظن فالأولى أن يحمل البشرى في الدارين على البشارة بما يحقق نفي الخوف والحزن كائنا ما كان ويرشد إلى ذلك السباق ومن أجل بشرى الملائكة لهم بذلك وقتافوقتا حتى يدخلوا الجنة وقد نطق الكتاب العزيز في غير موضع بهذه البشرى من الله تعالى علينا بها برحمته وكرمه لا تبديل لكلمت الله أي لا تغيير لأقواله التي من جملتها مواعيده الواردة بشارة للمومنين المتقين فيدخل فيها البشارات الواردة ههنا دخولا أوليا ويثبت إمتناع الإخلاف فيها لطفا وكرما ثبوتا قطعيا وأريد من عدم تبديل كلماته سبحانه على تقدير أن يراد من البشرى الرؤيا الصالحة عدم الخلف بينها وبين ما دل على ثبوتها ووقوعها فيما سيأتي بطريق الوعد من قوله تبارك إسمه : لهم البشرى لا عدم الخلف بينها وبين نتائجها الدنيوية والأخروية ولم يظهر لي وجهه بعد التدبر والمشهور أن الرؤيا الصالحة لا يتخلف ما تدل عليه وقد جاء من حديث الحكيم الترمذي وغيره عن عبادة رضى الله تعالى عنه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال له في الرويا الصالحة كلام يكلم به ربك عبده في المنام ذلك أي ما ذكر من أن لهم البشرى في الدارين هو الفوز العظيم 64 الذي لا فوز وراءه وجوز أن تكون الإشارة إلى البشرى بمعنى التبشير وقيل : إن ذلك إشارة إلى النعيم الذي وقعت به البشرى وجعل غير واحد الجملة الأولى وهذه الجملة إعتراضا جيء به لتحقيق المبشر به لتعظيم شأنه وهو مبني علىجواز تعدد الإعتراض وعلى أنه يجوز أن يكون في آخر الكلام و لذا قال العلامة الطيب : ولو جعلت الأولى معترضة و الثانية تذييلا للمعترض و المعترض فيه ومؤكدة لهما كان أحسن بناء على أن ما في آخر الكلام يسمى تذييلا لاإعتراضا وهو مجرد إصطلاح ومن جعل قوله سبحانه ولا يحزنك قولهم معطوفا على الجملة قبل أي أن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون فلا يحزنك قول أعداء الله تعالى فالإعتراض عنده بين متصلين لا في آخر الكلام لكنه ليس بشيء والذي عليه الجمهور أنه إستئناف سيق تسلية للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عما كان يلقاه من جهة الأعداء من الأذيةالناشئة من مقالاتهم الرديئة الوحشية وتبشيرا له E بالنصر والعز إثر بيان أن له ولأتباعه أمنا من كل محذور وفوزا لكا مطلوب فهو متصل بقوله سبحانه : ألا إن أولياء الله إلخ معنى وقيل : إنه