أباه النحاة نعم جوزه الحفيد وجوز فيه البدلية أيضا والمرادمن التقوى عند جمع المرتبة الثالثة منها وهي التقوى المأمور بها في قوله تعالى : إتقوا الله حق تقاته وفسرت بتنزه الإنسان عن كل مايشغل سره عن الحق والتبتل إليه بالكلية وبذلك يحصل الشهودوالحضور والقرب الذي يدور إطلاق الإسم عليه وهكذا كان حال من دخلمعه صلى الله عليه وسلّم تحت الخطاب بقوله سبحانه وتعالى : ولا تعملون من عمل إلخ خلا أن لهم في شأن التبتل والتنزه درجات متفاوتة حسبما درجات تفاوت إستعداداتهم وأقصى الدرجات ماإنتهى إليه همم الأنبياء عليهم الصلاةوالسلام حتى جمعوا بذلك بين رياسة النبوة والولاية ولم يعقهم التعلقبعالم الأشباح عن الإستغراق في عالم الأرواح ولم تصدهم الملابسة بمصالح الخلق عن التبتل إلى جناب الحق سبحانه D لكمال إستعداد نفوسهمالزكية المؤيدة بالقوة القدسية كذا قيل وفي كون حال كل من دخل معه A تحت الخطاب مرادا به جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما أشار إليه من التقوى الحقيقية المأمور بها في الآية التي بها يحصل الشهود والحضور والقرب بحث وقصارى ما تحقق بعد نزاع طويل ذكرناه في جوابنالسؤال أهل لاهور أن الصحابة كلهم عدول من لابس منهم الفتنة ومن لميلابسها ودعوى أن العدالة تستلزم الولاية بالمعنى السابق إن تمت تمالمقصود وإلا فلا والآية ظاهرة في أن الأولياء هم المؤمنون المتقون وأقل ما يكفي في إطلاق الولي التقرب إليه سبحانه بالفرائض من إمتثالالأوامر وإجتناب الزواجر والأكمل التقرب إليه جل شأنه بكل ما يمكن من القرب وفي المبين المعين الولي هو من يتولى الله تعالى بذاته أمره فلا تصرف له أصلا إذ لا وجود له ولا ذات ولا فعل ولا وصف والتركيب يدل على القرب فكأنه قريب منه D لإستدامة عباداته وإستقامة طاعاتهأو لإستغراقه في بحر معرفته ومشاهدة طلعة عظمته إنتهى وفيه القول بأن الولى فعيل بمعنى مفعول وجوز أن يكون بمعنى فاعل وفسر بأنهمن يتولى عبادة الله تعالى وطاعته على التوالي من غير تخلل معصية وعن القشيري أن كلا الوصفين تولى الله تعالى أمره وتولية عبادة الله تعالى وطاعته شرط في الولاية غير أن الوصف الأول غالب على المجذوب المراد والثاني على السالك المريد ولا يخفى أن هذا الكلام وكذاما قبله يدل على أن تخلل المعصية مناف للولاية وهو الذي يشير إليه كلامغير واحد من الفضلاء وليس في ذلك قول بالعصمة التي لم يثبتهاالجماعة إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بل قصارى ما فيه القول بالحفظ وقد قيل : الأولياء محفوظون وفسر بعدم صدور الذنب مع إمكانه والقيد لإخراج العصمة .
نعم جاءت العصمة بمعنى الحفظ المفسر بما ذكر وعلى ذلك خرج قولصاحب حزب البحر اللهم إعصمني في الحركات والسكنات لأن الدعاء بما هومن خواص الأنبياء عليهم السلام لا يجوز كالدعاء بسائر المستحيلات كماحقق في محله وأطلق بعضهم القول بأن تخلل ذلك غير مناف إحتجاجا بماحكي عن الجنيد قدس سره أنه سئل هل يزني العارف فقال : نعم وكان أمر الله قدرا مقدورا وتعقب بأنه محمول على الإمكان سؤالا وجوابا ولا كلام فيه وإنما الكلام في أن الوقوع مناف أو غير مناف وقال بعضهم : لا شبهة في عدم بقاء وصف الولاية حال التلبس بالمعصية إذ لا تقوى حينئذ بالإجماع ومدار هذا الوصف عليها وكذا على الإيمان وهو غير كامل إذ ذاك عند أهل الحق وغير متحقق أصلا بل المتحقق الفسق المعنى بالواسطة أو الكفر عند خرين وكذا لا شبهة في عدم منافاة وقوع المعصية الإتصاف بالولاية بعده بأن يعود من إبتلى بذلك إلى قوى الله تعالى ويتصف بما تتوقف الولاية عليه وهو نظير من يتصف بالإيمان أو بالعدالة مثلا بعد أن لم