بلا تلعثم ولا تأخير الله إذ لا مجال للمكابرة والعناد في شيء من ذلك لغاية وضوحه والإسم الجليل مبتدأ والخبر محذوف أي الله يفعل ما ذكر من الأفاعيل لاغيره هذا وربما يستدل بالآية على تقدير أن لاتكون من لإبتداء الغاية على جواز أن يقال الله سبحانه أنه من أهل السماء والأرض وكون المراد هناك غير الله تعالى لا يناسب الجواب ومن لم ير الجواز تعني ومن رآه بناء على ظواهر الآيات المفيدة لكونه تعالى في السماء وقوله في الجارية التي أشارت الى السماء حين قيل لها اين الله أعتقها فإنها مؤمنة واقراره حصينا حين قال له E : كم تعبد يا حصين فقال : سبعة ستة في الأرض و واحد في السماء فقال صلى الله عليه وسلّم : فمن الذي أعددته لرغبتك و رهبتك فقال حصين : الإله الذي في السماء أبقى الآية على ما يقتضيه ظاهرها وأنت تعلم أنه لم يرد صريحا كونه تعالى من أهل السماء والأرض وأن ورد كونه جل وعلا في السماء على المعنى اللائق بجلاله جل جلاله فلا أرى جواز ذلك ولا داعي لإخراج من عن إبتداء الغاية ليحتاج إلى العناية في رد الإستدلال كما لايخفى وفي الإنتصاف أن هذه الآية كافحة لوجوه القدرية الزاعمين أن الأرزاق منقسة فمنها ما رزقه الله تعالى للعبد وهو الحلال ومنها ما رزقه العبد لنفسه وهو الحرام فهي ناعية عليهم هذا الشرك الخفي لو سمعوا أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون وكذا فيما قيل تكفح في وجوه أناس يزعمون أن الذي يدبر الأمر في كل عصر قطبه وهو عماد السماء عندهم ولولاه لوقعت على الأرض فكأني بك إذا سألتهم من يدبر الأمر يقولون القطب وقد يعتذر عنهم بأن مرادهم أنه المدبر بإذن الله تعالى وجاء إطلاق المدبر بهذا المعنى على غيره تعالى في قوله سبحانه : فالمدبرات أمرا .
وربما يقال انه لا فرق عندهم بين الله تعالى وبين القطب إلا بالإعتبار لأنه الذي فاز بقربى النوافل والفرائض على أتم وجه فإرتفعت الغيرية فالقول بأن القطب هو المدبر كالقول بأن الله سبحانه هو المدبر بلافرق .
وإعترض هذا بأنه ذهاب إلى القول بوحدة الوجود وأكثر المتكلمين وبعض الصوفية كالإمام الرباني قدس سره ينكرون ذلك والأول بأنه هلاالمشركون في جواب ذلك : الملائكة أو عيسى عليهم السلام مثلا على معنى أنهم المدبرون للأمر بإذن الله تعالى فيكون المذكورون عندهم بمنزلة الأقطاب عند أولئك وأجيب بأن السؤال إنما هو عمن ينتهي إليه الأمر فلا يتسنى لهم إلا الجواب المذكور ولعل غير أهل الوحدة لو سئلوا كذلك ما عدلوا في الجواب عنه سبحانه وأما أهل الوحدة قدس الله تعالى أسرارهم فلهم كلمات لا يقولها المشركون وهي لعمري فوق طور العقل ولذا أنكرها أهل الظاهر عليهم فقل لهم أفلا تعقلون 31 الهمزة لإنكار عدم الإتقاء بمعنى إنكار الواقع كما في قولك : أتضرب أباك لا بمعنى إنكار الوقوع كما في قولك : أأضرب أبي والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم أي أتعلمون ذلك فلا تتقون والخلاف في مثل هذا التركيب شهير وما ذكرناه هو ما عليه البعض ومفعول تتقون محذوف وهو متعد لواحد أي أفلا تتقون عذابه الذي لكم بما تتعاطونه من إشراككم به سبحانه ما لا يشاركه في شيء مما ذكر من خواص الألوهية وكلام القاضي يوهم أنه متعد إلى مفعولين وليس بذاك .
فذلكم الله ربكم الحق فذلكة تقرر والإشارة إلى المتصف بالصفات السابقة حسبما إعترفوا به وهي مبتدأ والإسم الجليل صفة له و ربكم خبر و الحق خبر بعد خبر أو صفة أو خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون الإسم