حالا من عاصم وقيل متعلقة بالإستقرار المفهوم من الظرف وليس في الكلام مضاف محذوف و من الثانية على حالها والجملة مستأنفة أو حال من ضمير ترهقهم وفي نفي العاصم من المبالغة في نفي العصمة ما لا يخفى كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل أي كأنما ألبست ذلك لفرط سوادها وظلمتها والجار والمجرور صفة قطعا وقوله سبحانه : مظلما حال من الليل والعامل فيه متعلق الجار والمجرور فعلا كان أو إسما .
وجوز أبو البقاء كونه حالا من قطعا أو صفة له وكان الواجب الجمع لأن قطعا جمع قطعة إلا أنه أفردت حاله أو صفته لتأويل ذلك بكثير ولايخفى أنه تكلف مستغنى عنه والظاهر أن من للتبعيض وقال بعض المحققين : لليل معنيان زمان تخفى فيه الشمس قليلا أو كثيرا كما يقال دخل الليل والآن ليل وما بين غروب الشمس إلى طلوعها أو قربها من الطلوع فمن إما تبعيضية على الأول وبيانية على الثاني وجوز الزمخشري أن يكون العامل في الحال أغشيت من قبل أن من الليل صفة لقطعا فكان إفضاؤه إلى الموصوف كإفضائه إلى الصفة قال صاحب التقريب : وفيه نظر لأن من الليل ليس صلة أغشيت حتى يكون عاملا في المجرور بل التقدير أنه صفة فيكون العامل فيه الإستقرار وأيضا الصفة من الليل وذو الحال هو الليل فلا يكون أغشيت عاملا في ذي الحال مع أنه المقصود وقد يقال : إن من للتبيين والتقدير كائنة من الليل فأغشيت عامل في الصفة وهي كائنة فكأنه عامل في الليل وهو مبني على أن العامل في العامل في الشيء عامل فيه وهو فاسد فالوجه أن يقال : إن من للتبعيض أي بعض الليل ويكون بدلا من قطعا ويجعل مظلما حالا من البعض لا من الليل فيكون العامل في ذي الحال أغشيت ولا يخفى أنه وجه أغشى قطعا من ليل التكلف والتعسف مظلما وأجاب الإمام أمين الدين بأن نسبة أغشيت إلى قطعا إنما هي بإعتبار ذاتها المبهمة المفسرة بالليل لا بإعتبار مفهوم القطع في نفسها وإنما ذكرت لبيان مقدار ما أغشيت به وجوههم وهو اليل مظلما فإفضاء الفعل إلى قطعا بإعتبار مالا يتم معناها المراد إلا به كإفضاء الفعل إليه كما إذا قيل : اشتريت أرطارلا من الزيت صافيافان المشتري فيه الزيت والأرطال مبنية لمقدار مااشترى صافيا فالعامل في الحال انما هو العامل اللفظي ولا يلاحظ معنى الفعل في الجار والمجرور من جهة العمل لغلبة العامل اللفظي عليه بالظهور ولا يخفى ما فيه وقال في الكشف : إن الزمخشري ذهب إلى أن أغشيت له إتصال بقوله تعالى : من الليل من قبل أن الصفة والموصوف متحدان لا سيما والقطع بعض الليل فجاز أن يكون عاملا في الصفة بذلك الإعغتبار وكأنه أغسيت الليل مظلما وهذا كما جوز في نحو ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا أن يكون حالا من الضمير بإعتبار اتحاده بالمضاف وكأنه قيل : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا وكما جوز في ملة ابراهيم حنيفا لأن الملة كالجزء كأنه قيل : إتبعوا إبراهيم حنيفا وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري وهو سر هذا الموضع لا ما طوله كثيرون لا سيما حمل من على التجريد فإنه مع أن المعنى على التبعيض لا البيان وليس كل بيان تجريدا لا يتم مقصوده إنتهى .
وقد عرض في ذلك بشيخه العلامة الطيبي فإنه عليه الرحمة قد تكلف ماتكلف والإنصاف أن ما جوزه الزمخشري هنا مما لا ينبغي والسعي في إصلاحه مع وجود الوجه الواضح الذي لا ترهقه قترة يقرب من أن يكون عبثا وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب وسهل قطعا بسكون الطاء وهو إسم مفرد معناه طائفة من الليل أو ظلمة آخره أو إسم جنس لقطعة وأنشدوا