إفتحي الباب وإنظري في النجوم كم علينا من قطع ليل بهيم وعلى هذا يجوز أن يكون مظلما صفة له أو حالا منه بلا تكلف تأويل وقرىء كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم والكلام فيه ظاهر والجملة كالتي قبلها مستأنفة أو حال من ضمير ترهقهم أولئك أي الموصوفون بما ذكر من الصفات الذميمة أصحاب النار هم فيها خالدون 27 لا يخرجون منها أبدا وإحتجت الوعيدية بهذه الآية على قولهم الفاسد بخلود أهل الكبائر وأجيب بأن السيآت شاملة للكفر وسائر المعاصي وقد قامت الأدلة على أنه لا خلود لأصحاب المعاصي فخصصت الآية بمن عداهم وأيضا قد يقال أنهم داخلون في الذين أحسنوا بناء على ما أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن ابن عباس و أبو الشيخ عن قتادة أنهم الذين شهدوا أن لا إله إلا الله أي المؤمنون مطلقا فلا يدخلون في القسم الآخر لتنافي الحكمين وقيل : إن أل في السيئات للإستغراق فالمراد من عمل جميع ذلك والقول بخلوده في النار مجمع عليه وليس بذاك .
ويوم نحشرهم كلام مستأنف مسوق لبيان بعض آخر من أحوالهم الفظيعة وتأخيره في الذكر مع تقدمه في الوجود على بعض أحوالهم المحكية سابقا كما قال بعض المحققين للإيذان بإستقلال كل من السابق والاحق للإعتبار ولو روعي الترتيب الخارجي لعد الكل شيئا واحدا ولذلك فصل عما قبله وزعم الطبرسي أنه تعالى لما قدم ذكر الجزاء بين بهذا وقت ذلك وعليه فالآية متصلة بما ذكر آنفا لكن لا يخفى أن ذلك لم يخرج مخرج البيان وأولى منه أن يقال : وجه إتصاله بما قبله إن فيه تأكيدا لقوله سبحانه : مالهم من الله من عاصم من حيث دلالته على عدم نفع الشركاء لهم و يوم منصوب بفعل مقدر كذكرهم وخوفهم وضمير نحشرهم لكلا الفريقين من الذين أحسنوا الحسنى والذين كسبوا السيآت لأنه المتبادر من قوله تعالى : جميعا ومن أفراد الفريق الثاني بالذكر في قوله سبحانه : ثم نقول للذين أشركوا أي للمشركين من بينهم ولأن توبيخهم وتهديدهم على رؤوس الأشهاد افظع والاخبار بحشرالكل في تهويل اليوم ادخل وإلى هذءا ذهب القاضي البيضاوي وغيره وكون مراده بالفريقين فريقي الكفار والمشركين خلاف الظاهر جدا .
وقيل : الضمير للفريق الثاني خاصة فيكون الذين أشركوا من وضع الموصول موضع الضمير والنكتة في تخصيص وصف إشراكهم في حيز الصفة من بين سائر ما إكتسبوه من السيئات إبتناء التوبيخ و التقريع عليه مع ما فيه من الإيذان بكونه معظم جناياتهم وعمدة سيئاتهم وهو السر في الإظهار في مقام الإضمار على القول الأخير مكانكم ظرف متعلق بفعل حذف فسد هو مسده وهو مضاف إلى الكاف والميم علامة الجمع أي إلزموا مكانكم والمراد إنتظروا حتى تنظروا ما يفعل بكم وعن أبي علي الفارسي أن مكان إسم فعل وحركته حركة بناء وهل هو إسم فعل لا لزم أو لا ثبت ظاهر كلام بعضهم الأول والمنقول عن شرح التسهيل الثاني لأنه على الأول يلزم أن يكون متعديا كالزم مع أنه لازم وأجيب بمنع اللزوم وقال السفاقسي : في كلام الجوهري ما يدل على أن إلزم يكون لازما ومتعديا فلعل ما هو إسم له اللازم : وذكر الكوفيون