ان الله تعالى أودع فيها قوة مؤثرة بإذنه فمتى شاء سبحانه أثرت ومتىلم يشأ لم تؤثر كما هو مذهب السلف في الأسباب على ما قرره الشيخ إبراهيم الكوراني في مسلك السداد ولو كان نسبة التأثير مطلقا إلى الأنواء ونحوها من العلويات كفرا لا تسع الخرق ولزم إكفار كثير من الناس حتى أفاضلهم لقولهم بنسبة الكثير من عالم الكون والفساد إلى العلويات ويسمونها بالآباء العلوية وقد صرح الشيخ الأكبر قدس سره بأن للكواكب السيارات وغيرها تأثيرا في هذا العالم إلا أن الوقوف على تعيينجزيئاته مما لا يطلع عليه إلا أرباب الكشف والأرصاد القلبية وليس مراده قدس سره وكذا مراد من أطلق التأثير إلا ما ذهب إليه أحد الفريقينفي الأسباب وحاشا ثم حاشا أن يكون أولئك الأفاضل ممن يعتقد أن في الوجود مؤثرا غير الله تعالى بل من وقف على حقيقة كلام الحكماء الذين هم بمعزل عن الشريعة الغراء وجدهم متفقين على أن الوجود معلول له تعالى على الإطلاق وقال بهمنيار في التحصيل فإن سئلت الحق فلا يصح أن يكون علة الوجود إلا ما هو بريء من كل وجه من معنى ما بالقوة وهذا هو المبدأ الأول لا غير وما نقل عن أفلاطون من قوله : إن العالم كرة والأرض مركزوالانسان هدف والأفلاك قسي والحوادث سهام والله تعالى هو الرامي فأينالمفر يشعر بذلك أيضا نعم أنهم قالوا بالشرائط العقلية وهي المراد بالوسائط في كلام بعضهم وهو خلاف المذهب الحق وبالجملة لا يكفر من قال : إن الكواكب مؤثرة على معنى أن التأثير عندها أو بها بإذن اللهتعالى بل حكمه حكم من قال : إن النار محرقة والماء مرو مثلا ولا فرق بين القولين إلا بما عسى أن يقال : إن التأثير في نحو النار والماء أمر محسوس مشاهد والتأثير في الكواكب ليس كذلك والقول به رجم بالغيب لكن ذلك بعد تسليمه لا يوجب كون أحد القولين كفرا دون الآخر كما لا يخفى على المنصف ومع هذا الأحوط عدم إطلاق نسبة التأثير إلىالكواكب والتجنب عن التلفظ بنحو ما أكفر الله سبحانه المتلفظ به هذا واذا الأولى شرطية والثانية فجائية رابطة للجواب وتنكير مكر للتفخيم و في متعلقة بالإستقرار الذي تتعلق به واللام .
قل الله أسرع مكرا أي منكم فأسرع أفعل تفضيل وهو مأخوذ إما من سرعالثلاثي كما حكاه الفارسي أو من أسرع المزيد إلا أن في أخذ أفعل من المزيد خلافا فمنهم من منعه مطلقا ومنهم من جوزه مطلقا ومنهم من قال : إن كانت الهمزة للتعدية إمتنع والإجاز ومقله في ذلك بناء التعجب ووصف المفضل عليه بالسرعة دل عليه المفاجأة على أن صحة إستعمال أسرعفي ذلك لا يتوقف على دلالة الكلام على ما ذكر خلافا لما يقتضيه ظاهر كلام الزمخشري وأصل المكر إخفاء الكيد والمضرة والمراد به الجزاءوالعقوبة على المكر مجازا مرسلا أو مشاكلة وهي لا تنافيه كما في شرح المفتاح وقد شاع أنه لا يستعمل فيه تعالى إلا على سبيل المشاكلة وليس بذاك كما حقق في موضعه إن رسلنا الحفظةمن قبلنا على أعمالكم يكتبون ما تمكرون 21 أي مكركم أوما تمكرونه وكيفية كتابة ذلك مما لا يلزم العلم به ولا حاجة إلى جعل ذلك مجازا عن العلم وهذا تحقيق للإنتقام منهم وتنبيه على أن ما دبروا في إخفائه غير خاف على الكتبة فضلا عن منزل الكتاب الذي لاتخفى عليه خافية وفي ذلك تجهيل لهم كما لا يخفى والظاهر أن الجملة ليست داخلة في الكلام الملقن كقوله تعالى : ولو جئنا بمثله مددا وهي تعليل لأسرعية مكره سبحانه وتعالى وجوز أن تكون داخلة في ذلك وفي