ولدا وكذبتم نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وما جاء به من عنده سبحانه وأما بقوله تعالى : ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا إلخ على أن يكون قوله تعالى : ثم جعلناكم خلائف وقوله سبحانه : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات إلى هنا إعلاما بأن المشركين الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإستنوا بسنن من قبلهم في تكذيب آيات الله تعالى والرسل عليهم الصلاة والسلام ويكون عودا إلى الأول بعد الفراغ من قصة المشركين وقيل : وجه تعلقها بما تقدم أنهم إنما سألوه A تبديل القرآن لما فيه من ذم آلهتهم الذين إفتروا في جعلها آلهة وقيل : إن الآية توطئة لما بعدها ولا يخفى أن الأول هو الأنسب بالمقام وأوفق بالفاء وأبعد عن التكلف وأقرب إنسياقا إلى الذهن السليم انه أي الشأن لايفلح المجرمون 17 أي لاينجون من محذور ولايفوزون بمطلوب والمراد جنس المجرمين فيندرج فيه المفترى والمكذب إندراجا أوليا ولايخفى مافي إختيار ضمير الشأن من الإعتناء بشأن مايذكر بهده من أول الأمر .
ويعبدون من دون الله ما لايضرهم ولا ينفعهم حكاية لجناية أخرى لهم وهي عطف على قوله سبحانه : وإذا تتلى عليهم الآية عطف قصة على قصة و من دون في موضع الحال من فاعل يعبدون أي متجاوزين الله تعالى إما بمعنى ترك عبادته سبحانه بالكلية لأنها لا تصح ولا تقع عبادة مع الشركة أو بمعنى عدم الإكتفاء بها وجعلها قرينا لعبادة غيره سبحانه كما إختاره البعض و ما إما موصولة أو موصوفة والمراد بها الأصنام ومعنى كونها لا تضر ولا تنفع أنها لا تقدر على ذلك لأنها جمادات والمقصود من هذا الوصف نفي صحة معبوديتها لأن من شأن المعبود القدرة على ما ذكر وقيل : المعنى لا تضرهم إن تركوا عبادتها ولا تنفعهم إن عبدوها والمقصود أيضا نفي صحة معبوديتها لأن من شأنالمعبود أن يثيب عابده ويعاقب من لم يعبده والفرق بين التفسيرين على ما قاله القطب إطلاق النفع والضر في الأول والتقييد بالعبادة وتركها في الثاني وقيل : المقصود على الأول من الموصول الأصنام بعينها وعلى الثاني فاقد أوصاف المعبودية ويجوز أن يدخل فيه غير الأصنام من الملائكة والمسيح عليهم السلام والظاهر أن المراد هنا الأصنام لأن العرب إنما كانوا يعبدونها وكان أهل الطائف يعبدون اللات وأهل مكة ومناة وهبل وأسافا و نائلة ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كان النضر بن الحرث يقول : إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى وفيه نزلت الآية .
والظاهر أن سائر المشركين كانوا يقولون ذا القول ولعل ذلك منهم على سبيل الفرض والتقدير أي إن كان بعث كما زعمتم فهؤلاء يشفعون لنا فلا يقال : إن المتبادر من الشفاعة عند الله تعالى أنه في الآخرة وهو مسلتزم للبعث وهم ينكرونه كما يدل عليه قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت وكذا ما تقدم آنفا من قوله سبحانه : قال الذين لا يرجون لقاءنا فيلزم المنافاة بين مفاهيم الآيات وكأنه لذلك قال الحسن عليه الرحمة : إنهم أرادوا من هذه الشفاعة الشفاعة في الدنيا لإصلاح المعاش وحينئذ لا منافاة والجمهور على الأول ومن سبر حال القوم رآهم مترددين ولذلك إختلفت كلماتهم ونسبة الشفاعة للأصنام قيل بإعتبار السببية وذلك لأنهم كما هو المشهور وضعوها على صور رجال صالحين ذوى خطر عندهم وزعموا