ليس فيه مانستعبده من البعث وتوابعه أو مانكرهه من ذم آلهتنا والوعيد على عبادتها أو بدله بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية أخرى ولعلهم إنما سألوا ذلك كيدا وطمعا في إجابته E ليوسلوا إلى الإلزام والإستهزاء وليس مرادهم أنه E لو أجابهم آمنوا قل أيها الرسول لهم مايكون لي أن أبدله المصدر فاعل يكون وهي من كان التامة وتفسر بوجد ونفي الوجود قد يراد به نفي الصحة فإن وجود ما ليس بصحيح كلا وجود فالمعنى هنا ما يصح لي أصلا تبديله من تلقاء نفسي أي من جهتي ومن عندي وأصل تلقاء مصدر على تفعال التاء ولم يجيء مصدر بكسرها غيره تبيان في المشهور .
وقرىء شاذا بالفتح وهو القياس في المصادر الدالة على التكرار كالتطواف والتجوال وقد خرج هنا من ذلك إلى الظرفيةالمجازية والمجر بمن لا يخرج الظرف عن ظرفيته ولذا إختصت الظروف الغير المتصرفة كعند بدخولها عليها .
ومن الناس من وهم في ذلك وقصر الجواب ببيان إمتناع ماإقترحوه على إقتراحهم الثاني للإيذان بأن إستحالة ماإقترحوه أولا من الظهور بحيث لا حاجة إلى بيانها ولأن ما يدل على إستحالة الثاني يدل على إستحالة الأول بالطريق الأولى فهو بحسب المآل والحقيقة جواب عن الأمرين إن اتبع أي ما أتبع فيما آتى وأذر لا مايوحى إلى من غير تغيير له في شيء أصلا على معنى قصر حاله E على إتباع ما يوحى لا قصر إتباعه على ما يوحى إليه كما هو المتبادر من ظاهر العبارة فكأنه قيل : ماأفعل إلا إتباع ما يوحى إلى والجملة مستأنفة بيانا لما يكون فإن من شأنه إتباع الوحي على ما هو عليه لا يستقل بشيء دونه أصلا وفي ذلك على ما قيل جواب لنقص مقدر وهو أنه كيف هذا وقد نسخ بعض الآيات ببعض ورد لما عرضوا له بهذا السؤال من أن القرآن كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا تقييد التبديل في الجواب بقوله : من تلقاء نفسي لرد تعريضهم بأنه من عنده E ولذلك أيضا سماه عصيانا عظيما مستتبعا العذاب عظيم بقوله D : إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 15 وهو تعليل لمضمون ما قبله من إمتناع التبديل وإقتصار أمره صلى الله تعالى عليه وسلم على إتباع الوحي أي إني أخاف إن عصيته تعالى بتعاطي التبديل والإعراض عن الوحي عذاب يوم عظيم هو يوم القيامة ويوم اللقاء الذي لا يرجونه وفيه إيماء بأنهم إستوجبوا العذاب بهذا الإقتراح لأن إقتراح ما يوجبه يستوجبه أيضا وإن لم يكن كفعله والتعرض لعنون الربوبية مع الإضافة لضميرهE لتهويل أمر العصيان وإظهار كمال نزاهته صلى الله عليه وسلّم وفي إيراد اليوم بالتنوين التفخيمي ووصفه بعظيم ما لا يخفى ما فيه من العذاب و تفظيعه وجوز العلامة الطيبي كون الجواب المذكور جوابا عن الإقتراحين من غير حاجة إلى شيء وذلك بحمل التبديل فيه على ما يعم تبديل ذات بذات أخرى كبدلت الدنانير دراهم وهو الذي أشاروا إليه بقولهم : ائت بقرآن غير هذا وتبديل صفة بصفة أخرى كبدلت الخاتم حلقة وهو الذي أشاروا إليه بقولهم : أوبدله وأورد عليه بأن تقييد التبديل بقوله سبحانه : من تلقاء نفسي يمنع حمله على الأعم لأنه يشعر بأن ذلك مقدور له صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن لا يفعله بغير إذنه تعالى والتبديل الذي على الأعم لأنه يشعر بأن ذلك مقدور له صلى الله تعالىعليه وسلم ولكن لا يفعله بغير إذنه تعالى والتبديل الذي أشاروا إليه أولا غير مقدور له E حتى أن المقترحين يعملون إستحالة ذلك لكن إقترحوه