الزجر عن الأعمال السيئة ما فيه وقيل : محلها النصب على أنها مفعول به لتعلمون أي أي عمل تعملون خيرا أو شرا وقد صرحوا بمجيئها كذلك أيضا وجعلوا من ذلك نحو كيف ظننت زيدا وبما ذكر فسر الزمخشري الآية وتعقبه القطب بما تعقبه ثم قال : ولعله جعل كيف ههنا مجازا بمعنى أي شيء لدلالة المقام عليه .
وذكر بعض المحققين أن التحقيق أن معنى كيف السؤال عن الأحوال والصفات لا عن الذوات وغيرها فالسؤال هنا عن أحوالهم وأعمالهم ولا معنى للسؤال عن العمل إلا عن كونه حسنا أو قبيحا وخيرا أو شرا فكيف ليست مجازا بلهي على حقيقتها ثم إن إستعمال النظر بمعنى العلم مجاز حيث شبه بنظر الناظر وعيان المعاين في تحققه والكلام إستعارة ثمثيلية مرتبة على إستعارة تصريحية تبعية والمراد يعاملكم معاملة من يطلب العلم بأعمالكم ليجازيكم بحبها كقوله تعالى : ليبلوكم أحسن عملا وقيل يمكن أن يقال : المراد بالعلم المعلوم فحينئذ يكون هذا مجازا مرتبا على إستعارة وأيا ما كان فلا يلزم أن لا يكون الله سبحانه وتعالى عالما بأعمالهم قبل إستخلافهم وليس مبنى تفسير النظر بالعلم على نفي الرؤية كما هو مذهب بعض القدرية القائلين بأنه جل شأنه لا يرى ولا يرى فإنا ولله تعالى الحمد ممن يقول : إنه تبارك وتعالى يرى ويرى والشروط في الشاهد ليست عقلية كما حقق في موضعه وإن الرؤية صفة مغايرة للعلم وكذا السمع أيضا وممن يقول أيضا : إن صور الماهيات الحادثة مشهودة لله تعالى أزلا في حال عدمها في أنفسها في مرايا الماهيات الثابتة عنده جل شأنه بل هو مبني على إقتضاء المعنى له فإنك إذا قلت : أكرمتك لأرى ماتصنع فمعناه أكرمتك لأختبرك وأعلم صنعك فأجازيك عليه ومن هنا يعلم أن حمل النظر علىالإنتظار والتربص كما هو أحد معانيه ليس بشيء وبعض الناس حمل كلام بعض الأفاضل عليه وإرتكب شططا وتكلم غلطا .
هذا وقرىء لنظر بنون واحدة وتشديد الظاء ووجه ذاك أن النون الثانية قلبت ظاءا وأدغمت وقوله تعالى : وإذا تتلى عليهم ءايتنا بينت إلتفات من خطابهم إلى الغيبة إعراضا عنهم وتوجيها للخطاب إلى سيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم بتعديد جناياتهم المضادة لما أريد منهم بالإستخلاف من التكذيب والكفر بالآيات البينات وغير ذلك كدأب من قبلهم من القرون المهلكة وصيغة المضارع للدلالة على تجدد جوابهم الآتي حسب تجدد التلاوة والمراد بالآيات الآيات الدالة على التوحيد وبطلان الشرك .
وقيل : ماهو أعم من ذلك والإضافة لتشريف المضاف والترغيب في الإيمان به والترهيب عن تكذيبه ونصب بينات على الحال أي حال كونها واضحات الدلالة على ماتضمنته وإيراد فعل التلاوة مبنيا للمفعول مسندا إلى الآيات دون رسول الله صلى الله عليه وسلّم ببنائه للفاعل للإشعار بعدم الحاجة لتعيين التالي وللإيذان بأن كلامهم في نفس المتلو ولو تلاه رجل من لحدى القريتين عظيم قال الذين لا يرجون لقاءنا وضع الموصول موضع الضمير إشعارا بعلية ملفي حيز الصلة المعظمة المحكية عنهم وذما لهم بذلك أي قالوا لمن يتلوها عليهم وهو رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إئت بقرءان غير هذا أشاروا بهذا إلى القرآن المشتمل على تلك الآيات لا إلى أنفسها فقط قصداإلىإخراج الكل من البين أي إئت بكتاب آخر نقرؤه