كسائر جزئياته من غير مزية له على البقية إذ لم يعتبر في مفهومهما ليس في مفهوم تعجيل الشر من الشدة والهول فلا يكون في ترتبه عليه وجودا أو عدما مزيد فائدة مصححة لجعله تاليا له فليس كقوله تعالى : لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولا كقوله سبحانه : ولو ترى إذوقفوا على ربهم وقوله تعالى : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبواما ترك على ظهرها من دابة إذا فسر الجواب بالإستئصال وأيضا فيترتيب التالي على إرادة المقدم ما ليس في ترتيبه على المقدم نفسه من الدلالة على المبالغة وتهويل الأمر والدلالة على أن الأمور منوطة بإرادته تعالى المبنية على الحكم البالغة .
وقوله سبحانه : فنذر الذين لايرجون لقاءنا أي نتركهم إمهالا وإستدراجا في طغيانهم الذي هو عدم رجاء اللقاء وإنكار البعث والجزاء وما يتفرع على ذلك من الأعمال السيئة والمقالات الشنيعة يعمهون 11 أي يترددون ويتحيرون لا يصح عطفه على شرط لو ولا علىجوابها لإنتفائه وهو مقصود إثباته وليست لو بمعنى أن كما قيل فهو إما معطوف على مجموع الشرطية لأنها في معنى لا يعجل لهم وفي قوته فكأنه قيل : لا يعجل بل يذرهم أو معطوف على مقدر تدل عليه الشرطية أي ولكن يمهلهم أو ولكن لا يعجل ولا يقضي فيذرهم وبكل قال بعض وقيل : الجملةمستأنفة والتقدير فنحن نذرهم وقيل : إن الفاء واقعة في جواب شرطمقدر والمعنى لو يعجل الله تعالى ما إستعجلوه لأبادهم ولكن يمهلهم ليزيدوا في طغيانهم ثم يستأصلهم وذا كان كذلك فنحن نذر هؤلاء الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يترددون ثم نقطع دابرهم وصاحب الكشف بعدما قرر أن إتصال ولو يعجل إلخ بقوله تعالى : إن الذين لا يرجون لقاءنا إلخ وأن ذكر المؤمنين إنما وقع في البين تتميما ومقابلةوليس بأجنبي قال : إنه لا حاجة إلى جعل هذا جواب شرط مقدر وفي وضع الموصول موضع الضمير نوع بيان للطغيان بما في حيز الصلة وإشعاربعليته للترك والإستدراج .
وإذا مس الإنسان الضر أي إذا أصابه جنس الضر من مرض وفقر وغيرهما من الشدائد إصابة يسيرة وقيل : مطلقا دعانا لكشفه وإزالته لجنبه في موضع الحال ولذا عطف عليه الحال الصريحة أعني قوله سبحانه : أو قاعدا أو قائما أي دعانا مضطجعا أو ملقى لجنبه واللام على ظاهرها وقيل : إنها بمعنى على كما في قوله تعالى : يخرون للأذقان ولا حاجة إليه وقد يعبر بعلى وهي تفيد إستعلاءه عليه واللام تفيدا إختصاص كينونته وإستقراره بالجنب إذ لا يمكنه الإستقرار علىغير تلك الهيئة ففيه مبالغة زائدة .
وإختلف في ذي الحال فقيل : إنه فاعل دعانا وقيل : هو مفعول مس وإستضعف بأمرين : أحدهما تأخر الحال عن محلها من غير داع الثاني أن المعنى على أنه يدعو كثيرا في كل أحواله إلا أنه خص المعدودات بالذكر لعدم خلو الإنسان عنها عادة لا أن الضر يصيبه في كل أحواله : وأجيب عن هذا بأنه لا بأس به فإنه يلزم من مسه الضر في هذه الأحوال دعاؤه فيها أيضا لأن القيد في الشرط قيد في الجواب فإذا قلت إذا جاء زيد فقيرا أحسنا إليه فالمعنى أحسنا إليه في حال فقره وأنت تعلم أنالأظهر هو الأول وإعتبر بعضهم توزيع هذه الأحوال على أفراد الإنسان على معنى أن من الإنسان من يدعو على هذه الحالة ومنه من يدعو على تلك وذكر غير واحد أنه يجوز أن يكون المراد بهذه الأحوال تعميم أصناف المضار لأنها إما خفيفة