من السماء أو إئتنا بعذاب أليم ويقولن متى هذا الوعد إن كنتم صادقينونحو ذلك .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة أنه قال : هو دعاء الرجلعلى نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له وأخرجا عن مجاهد أنه قال : هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب اللهم لا تبارك فيه اللهم العنه وفيه حمل الناس على العموم والمختار الأول ويؤيده : ما قيل من أنالآية نزلت في النضر بن الحرث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق إلخ وقوله سبحانه : استعجالهم بالخير نصب على المصدرية والأصل على ما قال أبو البقاء تعجيلا مثل إستعجالهم فحذف تعجيلا وصفته المضافة وأقيم المضاف إليه مقامها .
وفي الكشاف وضع إستعجالهم بالخير موضع تعجيله لهم إشعارا بسرعةإجابته سبحانه لهم وإسعافه بطلبتهم حتى كأن إستعجالهم بالخير تعجيلله وهو كلام رصين يدل على دقة نظر صاحبه كما قال ابن المنير إذ لا يكاد يوضع مصدر مؤكد مقارنا لغير فعله في الكتاب العزيز بدون مثل هذه الفائدة الجليلة والنحاة يقولون في ذلك : أجري المصدر على فعل مقدر دل عليه المذكور ولا يزيدون عليه وإذا راجع الفطن قريحته وناجى فكرته علم أنه إنما قرن بغير فعله لفائدة وهي في قوله تعالى : والله أنبتكم من الأرض نباتا التنبيه على نفوذ القدرة في المقدوروسرعة إمضاء حكمها حتى كأن إنبات الله تعالى لهم نفس نباتهم أي إذاوجد الإنبات وجد النبات حتما حتى كأن أحدهما عين الآخر فقرن به وقال الطيبي : كان أصل الكلام ولو يجعل الله للناس الشر تعجيله ثم وضع موضعه الإستعجال ثم نسب إليهم فقيل إستعجالهم بالخير لأن المراد أن رحمته سبقت غضبه فأريد مزيد المبالغة وذلك أن إستعجالهم الخير أسرع من تعجيل الله تعالى لهم ذلك فإن الإنسان خلق عجولا والله تعالى صبور حليم يؤخر للمصالح الجمة التي لا يهتدي إليها عقل الإنسان ومع ذلك يسعفهم بطلبتهم ويسرع إجابتهم وأوجب أبو حيان كون التقدير تعجيلامثل إستعجالهم أو أن ثم محذوفا يدل عليه المصدر أي لو يعجل الله للناس الشر إذا إستعجلوه بالخير قال : لأن مدلول عجل غير مدلول إستعجل لأن عجل يدل على الوقوع وإستعجل يدل على طلب التعجيل وذلك واقع من الله تعالى وهذا مضاف إليهم فلا يجوز ما قرره الزمخشري وأتباعه : وأجاب السفاقسي بأن إستفعل هنا للدلالة على وقوع الفعل لاعلى طلبه كإستقر بمعنى أقر وقوله : وهذا مضاف إليهم مبني على أن المصدر مضاف للفاعل ويحتمل أن يكون مضافا للمفعول ولا يخفى أن كل ذلك ناش من قلة التدبر ومعنى قوله سبحانه : لقضي إليهم أجلهم لأميتوا وأهلكوا بالمرة يقال : قضي إليه أجله أي أنهى إليه مدته التي قدر فيها موته فهلك وفي إيثار صيغة المبني للمفعول جرى على سنن الكبرياء مع الإيذان بتعين الفاعل وقرأ ابن عامر ويعقوب لقضي على البناء للفاعل وقرأ عبدالله لقضينا وفيه إلتفات واختيارصيغة الإستقبال في الشرط وإن كان المعني على المضي لإفادة أن عدم قضاءالأجل لإستمرار عدم التعجيل فإن المضارع المنفي الواقع موقع الماضي ليس بنص في إفادة المحققين أن المقدم ههنا ليس نفس التعجيل المذكوربل هو إرادته المستتبعة للقضاء المذكور وجودا وعدما لأن القضاء ليس أمرا مغايرا لتعجيل الشر في نفسه بل هو إما نفسه أو جزئي منه