وجوز أن تكون الإضافة إلى الفاعل بتقدير مضاف أي تحية بعضهم بعضا آخرذلك وقد يعتبر البعض المقدر مفعولا فالإضافة إلى المفعول والفاعل محذوف وقيل : يجوز أن يكون مما أضيف فيه المصدر لفاعله ومفعولهمعا إذا كان المعنى يحي بعضهم بعضا ونظيره في الإضافة إلى الفاعل والمفعول قوله تعالى : وكنا لحكمهم شاهدين حيث أضيف حكم إلى ضميرداود وسليمان عليهما السلام وهما حاكمان وغيرهما وهم المحكوم عليهم وليس ذلك من باب الجمع بين الحقيقة والمجاز المختلف فيه حيث أن إضافة المصدر لفاعله حقيقة ولمفعوله مجاز لأنه لا خلاف في جواز الجمع إذا كانالمجاز عقليا إنما الخلاف فيه إذا كان لغويا وءاخر دعواهم أيخاتمة دعائهم أن الحمد لله رب العالمين 10 أي أنه الحمد لله فأن مخففة من الثقيلة وإسمها ضمير شأن محذوف والجملة الإسمية خبرها وأن ومعمولاها خبر آخر وليست مفسرة لفقد شرطها ولا زائدة لأن الزيادةخلاف الأصل ولا داعي إليها على أنه قد قرأ ابن محيصن ومجاهد وقتادة ويعقوب بتشديدها ونصب الحمد وفي ذلك دليل لما قلنا والظاهر أن تحقق مضمون هذه الجمل لكونها إسمية على سبيل الدواموالإستمرار وفي الأخبار ما يؤيده فلعل القوم لما دخلوا الجنة حصل لهم من العلم بالله تعالى ما لم يحصل لهم قبله على إختلاف مراتبهم .
وقد صرح مولانا شهاب الدين السهروردى في بعض رسائله في الكلام بتفاوت أهل الجنة في المعرفة فقال : إن عوام المؤمنين في الجنة يكونون في العلم كالعلماء في الدنيا والعلماء فيها يكونون كالأنبياء عليهم السلام في الدنيا والأنبياء عليهم السلام يكونون في ذلك كنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ويكون لنبينا E من العلم بربه سبحانه الغاية القصوى التي لا تكون لملك مقرب ولا لنبي مرسل ويمكن أن يكون ذلك المقام المحمود ولا يبعد عندي أنهم مع تفاوتهم في المعرفة لا يزالون يترقبون فيها على حسب مراتبهم والسير في الله سبحانه غير متناه والوقوف على الكنه غير ممكن وحينئذ التفاوت في معرفة الصفات وهيكما قيل إما سلبية وتسمى بصقات الجلال لأنها يقال فيها : جل عن كذا جلعن كذا وإما غيرها وتسمى بصفات الإكرام وبذلك فسر قوله تعالى : تباركاسم ربك ذي الجلال والاكرام فلا يزالون يدعون الله تعالى بالتسبيح الذي هو إشارة إلى نعته بنعوت الجلال وبالتحميد الذي هو إشارة إلىوصفه بصفات الإكرام والدوام عرفي وهو أكثر من أن يحصى وقوله E في وصف أهل الجنة كما في صحيح مسلم : يسبحون الله تعالى بكرة وعشيا يؤيد بظاهره ذلك والمراد بالبكرة والعشية كما قال النووي قدرهما وظاهر الآية أنهم يقدمون نعته تعالى بنعوت الجلال ويختمون دعاءهم بوصفه بصفات الإكرام لأن الأولى متقدمة علىالثانية لتقدم التخلية على التحلية ويرشد إلى ذلك قوله سبحانه : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير والمختار عندي كون فاعل التحية هو الله تعالى أو الملائكة عليهم السلام وحينئذ لا يبعد أن يكونالترتيب الذكري حسب الترتيب الوقوعي وذلك بأن يقال : إنهم حين يشرعون بالدعاء يسبحون الله تعالى وينزهونه فيقابلون بالسلام وهودعاء بالسلامة عن كل مكروه فإن كان من الله سبحانه فهو مجاز لا محالة لإستحالة حقيقة الدعاء عليه تعالى وإن كان من الملائكة عليهم السلام فلامانع من بقائه على حقيقته لكن يوجه الطلب فيه إلى الدوام لأن أصل السلامة حاصل لهم وإن قلنا : إنها تقبل الزيادة فلا بعد في أن يوجهإلى طلبها وما ألطف مقابلة التسبيح والتنزيه بالسلامة عن المكروه لقربها من ذلك معنى كما لا يخفى على المنصف ثم يختمون دعاءهم بالحمد لله رب العالمين وهكذا لا يزال دأبهم بكرة وعشيا كما يشير إليه خبرالصحيح ولعل