قوله سبحانه : ربهم لتشريفهم بإضافة الرب إليهم مع الإشعار بعلة الهداية وقوله تعالى : تجري من تحتهم الأنهار أي من تحت منازلهم أو من بين أيديهم إستئناف نحوي أو بياني فلا محل له من الإعراب أو خبر ثان لإن فمحله الرفع .
وجوز أن يكون في محل النصب على الحال من مفعول يهديهم على تقديركون المهدي إليه ما يردونه في الجنه كما قال أبو البقاء وإن جعلحالا منتظرة لم يحتج إلى القول بهذا التقدير لكنه خلاف الظاهر والزمخشري لما فسر يهديهم ربهم بيسددهم إلخ جعل هذه الجملة بيانا له وتفسيرا لأن التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها ولا يخفى أن سبيلهذا البيان سبيل البدل وبذلك صرح الطيبي وحينئذ فمحلها الرفع لأنه محل الجملة المبدل منها وقوله سبحانه : في جنات النعيم 9 خبر آخرأو حال أخرى من مفعول يهديهم فتكون حالا مترادفة أو من الأنهار فتكون متداخلة أو متعلق بتجري أو بيهدي والمراد على ما قيل بالمهدي إليه إما منازلهم في الجنة أو ما يريدونه فيها دعواهم أي دعاؤهم وهو مبتدأ وقوله تعالى شأنه : فيها متعلق به وقوله سبحانه : سبحانك اللهم خبره أي دعاؤهم هذا الكلام والدعوى وإن إشتهرت بمعنى الإدعاء لكنها وردت بما ذكرنا أيضا وكون الخبر من جنس الدعاء يشهد له قوله صلى الله تعالى عليه وسلم أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات لا إله إلاالله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والظاهر أن إطلاق الدعاء على ذلك مجاز وهو الذي يفهمه كلام ابن الأثيرحيث قال : إنما سمي التهليل والتحميد والتمجيد دعاء لأنه بمنزلته في إستيجاب ثواب الله تعالى وجزائه وفي الحديث إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسئلتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وجاءت بمعنى العبادة كما في قوله سبحانه : وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وجوز إرادته هنا والمراد نفي التكليف أي لا عبادة لهم غير هذا القول وليس ذلك بعبادة وإنما يلهمونه وينطقون به تلذذا لا تكليفا ونظير ذلك قوله سبحانه : وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية وفيه خفاء كما لا يخفى وقد يقال : يأتي نظير هذا في الآية على إحتمال أن يراد بالدعوىالدعاء حقيقة فيكون المعنى على طرز ما قرر أنه لا سؤال لهم من اللهتعالى سوى ذلك ومن المعلوم أن ذلك ليس بسؤال فيفيد أنه لاسؤال لهم أصلا .
والغرض من ذلك الإشارة إلى حصول جميع مقاصدهم بالفعل فليس بهم حاجةإلى سؤال شيء إلا أن فيه ما فيه ونصب سبحان على المصدرية لفعلمحذوف وجوبا وهو بمعنى التسبيح وقدرت الجملة إسمية أي أنا نسبحك تسبيحا لأنها أبلغ والجمل التي بعدها كذلك و اللهم بتقدير يا ألله حذف حرف النداء وعوض عنه الميم وتمام الكلام فيه وفيما قبله قد تقدم لك فتذكر وكان القياس تقديم الإسم الجليل لأن النداء يقدم على الدعاء لكنه إستعمل في التسبيح كذلك قيل : لأنه تنزيه عن جميع النقائص وفي النداء ربما يتوهم ترك الأدب .
وتحيتهم أي ما يحيون به فيها سلام أي سلامتهم من كل مكروه وهوخبر تحيتهم و فيها متعلق بها والتحية التكرمة بالحال الجليلةوأصلها أحياك الله تعالى حياة طيبة وإضافتها هنا إلى المفعول والفاعل أما الله سبحانه أي تحية الله تعالى إياهم ذلك ويرشد إليه قوله D : سلام قولا من رب رحيم أو الملائكة عليهم السلام ويرشد إليه سبحانه : والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام