ونحن قد بسطنا الكلام على ذلك فيما تقدم وفي كتابنا الطراز المذهب وأتينا فيه هدى للناظرين .
بقي أن حديث الإستفادة المذكورة سواء كانت على سبيل الإنعكاس من غير أن يصير جوهر القمر مستنيرا كما في المرآة أو بأن يستنير جوهره على ماهو الأشبه عند الإمام قد ذكدها كثير من الناس حتى القاضي في تفسيره وهو مما لم يجيء من حديث من عرج إلى السماء صلى اللهتعالى عليه وسلم وإنما جاء عن الفلاسفة وقد زعموا أن الأفلاك الكلية تسعة أعلاها فلك الأفلاك ثم فلك الثوابت ثم فلك كيوان ثم فلك برجيس ثم فلك بهرام ثم فلك الشمس ثم فلك الكاتب ثم فلك القمر وزعم صاحب التحفة أن فلك الشمس تحت فلك الزهرة وماعليه الجمهور هو الأول وإستدل كثير منهم على هذا الترتيب بما يبقي معه الإشتباه بين الشمس وبين الزهرة والكاتب كالكسف والإنكساف وإختلاف المنظر الذي يتوصل إلى معرفته بذات الشعبتين لأن الأول لا يتصور هناك لأن الزهرة والكاتب يحترقان عند الإقتران في معظم المعمورة والتاني أيضا مما لايستطاع لتلك الآلة لأنها تنصب في سطح نصف النهار وهذان الكوكبان لا يظهران هناك لكونهما حوالي الشمس بأقل من برجين فإذا بلغا نصف النهار كانت الشمس فوق الأرض شرقية أو غربية فلا يريان أصلا وجعل الشمس في الفلك الأوسط لما في ذلك من حسن الترتيب كأنها شمسة القلادة أو لأنها بمنزلة الملك في العالم فكما ينبغي للملك أن يكون في وسط العسكر ينبغي لها أن تكون في وسط كرات العالم أمر إقناعي بل هو من قبيل التمسك بجبال القمر ومثل ذلك تمسكهم في عدم الزيادة على هذه ألافلاك بأنه لافضل في الفلكيات مع أنه بلزم عليه أن يكون ثخن الفلك الأعظم أفل مايمكن أن يكون للأجسام من الثخانة إذ لا كوكب فيه حتى يكون ثخنه مساويا لقطره فالزائد على أقل مايمكن فضل وقد بين في رسالة الأبعاد والأجرام أنه بلغ الغاية في الثخن وقد قدمنا لك ذلك وحينئذ يمكن أن يكون لكل من الثوابت فلك على حدة وأن تكون تلك الأفلاك متوافقة في حركاتها جهة وقطبا ومنطقة وسرعة بل لو قيل بتخالف بعضها لم يكن هناك دليل ينفيه لأن المرصود منها أقل قليل فيمكن أن يكون بعض مالم يرصد متخالفا على أن من الناس من أثبت كرة فوق كرة الئوابت وتحت الفلك الأعظم وإستدل على ذلك بما إستدل ومن علم أن أرباب الأرصاد منذ زمان يسير وجدوا كوكبا سيارا أبطأ سيرا من زحل وسموه هرشلا وقد رصده لالنت فوجده يقطع البرج في ست سنين شمسيةوأحد عشرشهرا وسبعة وعشرين يوما وهو يوم تحريرنا هذا المبحث وهو اليوم الرابع والعشرون من جمادي الآخرة سنة الألف والمائتين والست والخمسين حيث الشمس في السنبلة قد قطع من الحوت درجة واحدة وثلاث عشرة دقيقة راجعا لا يبقى له إعتمادا على ماقاله المتقدمون ويجوز أمثال ماظفر به هؤلاء المتأخرون وأيضا من الجائز أن تكون بالحركة البطيئة والفلك الثامن يتحرك بالحركة السريعة وحينئذ تكون دائرة البروج المارة بأوائل البروج الواقع وقد صرح البرجندي أن القدماء لم يثبتوا الفلك الأعظم وإنما أثبته المتأخرون وأيضا يجوز أن تكون سبعة بأن يفرض ألثوابت ودائرة البروج على محدب ممثل زحل ويكون هناك نفسان تتصل إحداهما بمجموع السبعة وتحركها إحدى الحركتين الأوليين والأخرى بالكرة السابعة وتحركها الأخرى ولكن بشرط