أجورهم وإنما أجمل ذلك إيذانا بأنه لا يفي به الحصر ويرشح ذلك ذاته الكريمة هي المجازية أو بقسطهم وعدلهم في أمورهم أو بإيمانهم ورجح هذا بأنه أوفق بقوله تعالى : والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 4 فإن معناه ويجزي الذين كفروا بشراب من ماء حار وقد إنتهى حره وعذاب أليم بسبب كفرهم فيظهر التقابل بين سببي جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين مع أنه لاوجه لتخصيص العدل بجزاء الآخرين أولى به كما لايخفى وتكرير الإسناد بجعل الجملة الظرفية خبرا للموصول لتقوية الحكم والجمع بين صيغتي الماضي والمضارع للدلالة على مواظبتهم على الكفر وتغييير النظم الكريم للمبالغة في إستحقاقهم العقاب بجعله حقا مقرر لهم والإيذان بأن التعذيب بمعزل عن الإنتظام في سلك العلة الغائبة للإعادة بناء على تعلق ليجزي بها أولها وللبدء بناء على تعلقه بهما على التنازع وإنما المنتظم في ذلك السلك هو الإثابة فهي المقصودة بالذات والعقاب واقع بالعرض وهو الذي جعلإ الشمس ضياء تنبيه على الإستدلال على وجوده تعالى ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته بآثار صنيعه في النيرين على الإستدلال بما مر وبيان لبعض أفراد التدبير الذي أشير اليه إشارة إجمالية وإرشاد إلى أنه سبحانه حين دبر أمورهم المتعلقة بمعاشهم هذا التدبر البديع فلأن يدبر مصالحهم المتعلقة بمعادهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب أولى وأحرى أو جعل إما بمعنى أنشأ وأبدع فضياء حال من مفعوله وإما بمعنى صير فهو مفعوله الثاني والكلام على حد ضيق فم القربة اذ لم تكن الشمس خالية عن تلك الحالة وهي على ماقيل مأخوذة من شمسة القلادة للخرزة الكبيرة وسطها وسميت بذلك لأنها أعظم الكواكب كما تدل عليه الآثار ويشهد له الحس وإليه ذهب جمهور أهل الهيئة ومنهم من قال : سميت بذلك لأنها في الفلك الأوسط بين أفلاك العلوية وبين أفلاك الثلاثة الأخر وهو أمر ظني لم تشهد له الأخبار النبوية كما ستعلمه قريبا إن شاء الله تعالى والضياء مصدر كقيام وقال أبو علي في الحجة : كونه جمعا كحوض وحياض وسوط وسياط أقيس من كونه مصدرا وتعقب بأن إفراد النور فيما بعد يرجح الأول وياؤه منقلبة عن واو لإنكسار ماقبلها وأصل الكلام جعل الشمس ذات ضياء .
ويجوز أن يجعل المصدر بمعنى إسم الفاعل أي مضيئة وأن يبقى على ظاهره من غير مضاف فيفيدالمبالغة بجعلها نفس الضياء وقرأ ابن كثير ضئاء بهمزتين بينهما ألف والوجه فيه كما قال أبو البقاء : أن يكون آخر الياء وقدم الهمزة فلما وقعت الياء طرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم وعند آخرين قلبت ألفا ثم قلبت الألف همزة لئلا يجتمع ألفان والقمر نورا أي ذا نورا أو منيرا أو نفس النور على حد ماتقدم آنفا والنور قيل أعم من الضوء بناء على أنه ماقوى من النور والنور شامل للقوي والضعيف والمقصود من قوله سبحانه : الله نور السموات والأرض تشبيه هداه الذي نصبه للناس بالنور الموجود في الليل أثناء الظلام والمعنى أنه تعالى جعل هداه كالنور في الظلام فيهدي قوم ويضل آخرون ولو جعله كالضياء الذي لايبقى معه ظلام لم يضلأحد وهو مناف للحكمة وفيه نظر وقيل : هما متباينان فما كان بالذات فهو ضياء وماكان بالعرض فهو نور ولكون الشمس نيرة بنفسها نسب إليها الضياء ولكون نور القمر مستفادا منها نسب إليه النور وتعقبه العلامة الثاني بأن ذلك قول الحكماء وليس من اللغة في شيء فإنه شاع نور الشمس ونور النار