ما قبلهما وقيل : إن العطف للدلالة على أنهما في حكم خصلة واحدة كأنه قيل : الجامعون بين الوصفين ويرد على ظاهره أن الراكعون الساجدون في حكم خصلة واحدة أيضا فكان ينبغي فيهما العطف على ماذكر إذ معناه الجامعون بين الركوع والسجود ويدفع بأدنى التفات وأما العطف في قوله سبحانه : والحافظون لحدود الله أي فيهما بينه وعينه من الحقائق والشرائع فقيل للإيذان بأن العدد قد تم بالسابع من حيث أن السبعة هو العدد التام والثامن إبتداء تعداد آخر معطوف عليه ولذلك يسمى واو الثمانية وإليه مال أبو البقاء وغيره ممن أثبت واو الثمانية وهو قول ضعيف لم يرضه النحاة كما فصله ابن هشام وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه وقيل : إنه للتنبيه على أن ماقبله مفصل الفضائل وهذا مجملها يعني أنه من ذكر أمر عام شامل لما قبله وغيره ومثله يؤتى به معطوفا نحو زيد وعمر وسائر قبيلته كرماء فلمغايرته بالإجمال والتفصيل والعموم والخصوص عطف عليه وقيل : هو عطف عليه وقيل : هو عطف على ماقبله من الأمر والنهي لأن من لم يصدق فعله قوله لا يجدي أمره نفعا ولا يفيد نهيه منعا .
وقال بعض المحققين : إن المراد بحفظ الحدود ظاهره وهي إقامة الحد كالقصاص على من إستحقه والصفات الأول إلى قوله سبحانه : والآمرون صفات محمودة للشخص في نفسه وهذه له بإعتبار غيره فلذا تغاير تعبير الصنفين فترك العاطف في القسم الأول وعطف في الثاني ولما كان لا بد من إجتماع الأول في شيء واحد ترك فيها العطف لشدة الإتصال بخلاف هذه فإنه يجوز إختلاف فاعلها ومن تعلقت به وهذا هو الداعي لإعراب التائبون مبتدأ موصوفا بما بعده و الآمرون خبره فكأنه قيل : الكاملون في أنفسهم المكملون لغيرهم وقدم الأول لأن المكمل مكملا حتى يكون كاملا في نفسه وبهدا يتسق النظم أحسن إتساق من غير تكلف وهو وجه وجيه للعطف في البعض وترك العطف في الآخر خلاأن المأثور عنالسلف كإبن عباس رضى الله تعالى عنهما وغيره تفسير الحافظين لحدود الله بالقائمين على طاعته سبحانه وهو مخالف لما في هذا التوجيه ولعل الأمر فيه سهل والله تعالى أعلم بمراده وبشر المؤمنين 112 أي هؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجليلة ووضع المؤمنين موضع ضميرهم للتنبيه على أن ملاك الأمر هو الإيمان وإن المؤمن الكامل من كان كذلك وحذف المبشر به إشارة إلى أنه أمر جليل لايحيط به نطاق البيان ماكان أي ماصح في حكم الله D وحكمته وما إستقام للنبي والذين آمنوا بالله تعالى على الوجحه المأمور به أن يستغفروا للمشركين به سبحانه ولو كانوا أي المشركون أولي قربى أي ذوى قرابة لهم وجواب لو محذوف لدلالة ماقبله عليه والجملة معطوفة على جملة أخرى قبلها محذوفة حذفا مطردا أي لو لم يكونوا أولي قربى ولو كانوا كذلك من بهد ما تبين لهم أي للنبي صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين أنهم أي المشركين أصحاب الجحيم 113 بأن ماتوا على الكفر أو نزل الوحي بأنهم مطبوع على قلوبهم لا يؤمنون أصلا وفيه دليل على صحة الإستغفار لأحيائهم الذين لا قطع بالطبع على قلوبهم والمراد منه في حقهم طلب توفيقهم للإيمان وقيل : إنه يستلزم ذلك بطريق الإقتضاء فلا يقال : إنه لا فائدة في طلب المغفرة للكافر والآية على الصحيح نزلت في أبي طالب فقد أخرج أحمد وابن أبي شيبة