والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل وآخرون عن المسيب ابن حزن قال : لما حضرت أبا طلب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلّم وعنده أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية فقال النبي E : أي عم قل : لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله فقال : أبو جهل : وعبدالله بن أبي أمية : ياأبا طالب أترغب عن ملة عبدالمطلب فجعل رسول الله A يعرضها عليه وأبو جهل وعبدالله يعاودانه بتلك المقالة فقال أبو طالب آخر ماكلمهم : هو على ملة عبدالمطلب وأبى أن يقول : لا إله إلا الله فقال النبي A : لأستغفرن لك مالم أنه عنك فنزلت ماكان للنبي الآية .
وإستعبد ذلك الحسين بن الفضل بأن موت أبي طالب قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين وهذه السورة من أواخر مانزل بالمدينة قال الواحدي : وهذا الإستعباد مستعبد فأي بأس أن يقال : كان E يستغفر لأبي طالب من ذلك الوقت إلى وقت نزول الآية فان النشديد نمع الكفار إنما ظهر في هذه السورة وذكر نحوا من هذا صاحب التقريب وعليه لايراد بقوله : : فنزلت في الخبر أن النزول كان عقيب القول بل يراد أن ذلك سبب النزول فالفاء فيه للسببية لا للتعقيب وإعتمد على هذا التوجيه كثير من جلة العلماء وهو توجيه وجيه خلا أنه يعكر عليه ماأخرجه ابن سعد وابن عساكر عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : أخبرت رسول الله A بموت أبي طالب فبكى فقال : إذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه ففعلت وجعل رسول الله A يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل عليه جبريل E يهذه الآية ماكان للنبي إلخ فإنه ظاهر في أن النزول قبل الهجرة لأن عدم الخروج من البيت فيه مغيابه اللهم إلا أن يقال بضعف الحديث لكن لم نرمن تعرض له والأولى في الجواب عن أصل الإستعباد أن يقال : إن كون هذه السورة من أواخر مانزل بإعتبار الغالب كما تقدم فلا ينافي نزول شيء منها في المدينة والآية على هذا دليل على أن أبا طالب مات كافرا وهو المعروف من مذهب أهل السنة والجماعة .
وروى ابن إسحق في سيرته عن العباس بن عبدالله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما من خبر طويل أن النبي A قال لأبي طالب في مرض موته وقد طمع فيه : أي عم فأنت فقلها يعني لا إله إلا الله أستحل بها لك الشفاعة يوم القيامة وحرض عليه E بذلك فقال : والله ياابن أخي لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي وأن تظن قريش أني قلتها جزعا من الموت لقلتها ولا أقولها إلا لأسرك بها فلما تقارب من أبي طالب الموت نظر العباس اليه يحرك شفتيه فأصغى إليه بأذنه فقال : ياابن أخي لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها فقال له A : لم أسمع وإحتج بهذا نحوه من أبياته المتضمنة للإقرار بحقية ماجاء به A وشدة حنوه عليه ونصرته له A الشيعة الذاهبون إلى موته مؤمنا وقالوا إنه المروي عن أهل البيت وأهل البيت أدرى وأنت تعلم قوة دليل الجماعة فالإعتماد على ماروي عن ابن العباس دونه مما تضحك منه الثكلى والابيات على انقطاع أسانيدها ليس فيها النطق بالشهادتين وهو مدار فلك الإيمان وشدة الحنو والنصرة مما لاينكره أحد إلا أنها بمعزل عما نحن فيه وأخبار الشيعة عن أهل البيت أوهن من بيت العنكبوت وإنه لأوهن البيوت نعم لا ينبغي للمؤمن الخوض فيه كالخوضص في سائر كفار قريش من أبي جهل وإضرابه