الأشاعرة وأشياعهم وذكروا أن المحبة الحقيقية لا يوصف بها سبحانه وحمل بعضهم التعبير بها هنا على المشاكلة والمراد من المطهرين إماأولئك الرجال أو الجنس ويدخلون فيه أفمن أسس بنيانه أي مبنيهفهو مصدر كالغفران وإستعمل بمعنى المفعول وعن أبي علي أن البنيانجمع واحده بنيانة ولعل مراده أنه إسم جنس جمعي واحده ما ذكر وإلا فليس بشيء والتأسيس وضع الأساس وهو أصل البناء وأوله ويستعمل بمعنى الأحكام وبه فسره بعضهم هنا وإختار آخرون التفسير الأول لتعدية بعلىفي قوله سبحانه : على تقوى من الله ورضوان فإن المتبادر تعلقهبه وجوز تعلقه بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن في أسس وهو خلاف الظاهر كما لايخفى والمراد من الرضوان طلبه بالطاعة مجازا وإن شئت قدرت المضاف ليكون المتعاطفان من أعمال العبد والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر كما قالوا في نظائره أي أبعد ما علم حالهم فمن أسس بنيانه على تقوى وخوف من الله تعالى وطلب مرضاته بالطاعة خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف أي طرفه ومنه أشفى على الهلاك أي صار على شفاء وشفى المريض لأنه صار على شفا البرء والسلامة ويثني على شفوان والجرف بضمتين البئر التي لم تطو وقيل : هو الهوةوما يجرفه السيل من الأودية لجرف الماء له أي أكله وإذهابه وقرأ أبوبكر وابن عامر وحمزة جرف بالتخفيف وهو لغة فيه هار أي متصدع مشرف على السقوط وقيل ساقط وهو نعت لجرف وأصله هاور أو هاير فهومقلوب ووزنه فالع وقيل : إنه حذفت عينه إعتباطا فوزنه فال والإعراب على رائه كباب وقيل : إنه لا قلب فيه ولا حذف وأصله هور أوهير على وزن فعل بكسرالعين ككتف فلما تحرك حرف العلة وإنفتح ما قبله قلب ألفا والظاهر أنه وضع شفا الجرف في مقابلة التقوى فيما سبق وفيه إستعارة تصريحية تحقيقية حيث شبه الباطل والنفاق بشفا جرف هار في قلةالثبات ثم استعير لذلك والقرينة المقابلة وقوله تعالى : فإنهار به في نار جهنم ترشيح وباؤه إما للتعدية أو للمصاحبة ووضع في مقابلة الرضوان تنبيها على أن تأسيس ذلك على أمر يحفظه مما يخاف ويوصله إلى ما أدنى مقتضياته الجنة وتأسيس هذا على ماهو بصددالوقوع في النار ساعة فساعة ثم المصير إليها لا محالة والإستعارةفيما تقدم مكنية حيث شبهت فيه التقوى بقواعد البناء تشبيها مضمرا فيالنفس ودل عليه ماهو من روادفه ولوازمه وهو التأسيس والبنيان وإختار غير واحد أن معنى الآية أفمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمةهي التقوى وطلب الرضا بالطاعة خير أم من أسس على قاعدة هي أضعف القواعد وأرخاها فأدى به ذلك لخوره وقلة إستمساكه إلى السقوط في النار وإنما أختير ذلك على ما قيل لما أنه أنسب بتوصيف اهل مسجدالضرار بمضارة المسلمين والكفر والتفريق والإرصاد وتوصيف أهل مسجد التقوى بأنهم يحبون أن يتطهروا بناء على أن المراد التطهير عن المعاصي والخصال المذمومة لأن المقتضى بزعم البعض لمحبة الله تعالى لا التطهير المذكور في الأخبار وأمر الإستعارة على هذا التوجيه على طرزما تقدم في التوجيه الأول وجوز أن يكون في الجملة الأولى تمثيل من أخلص لله تعالى وعمل الأعمال الصالحة