وأخرج عبدالرزاق وابن مردويه عن عبدالله بن الحرث بن نوفل نحوهإلى غير ذلك وروى القول بنزولها في أهل قباء عن جماعة من الصحابةوغيرهم كابن عمر وسهل الأنصاري وعطاء وغيرهم وأما الأخبارالدالة على كون المراد بالمسجد المذكور في الآية مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكثيرة أيضا وكذا الذاهبون إلى ذلك كثيرون أيضا والجمع فيما أرى بين الأخبار والأقوال متعذر وليس عندي أحسن من التنقير عن حال تلكالروايات صحة وضعفا فمتى ظهر قوة إحداهما على الأخرى عول على الأقوى وظاهر كلام البعض يشعر بأن الأقوى رواية ما يدل على أن المراد مسجد الرسول E ومعنى تأسيسه على التقوى من أول يوم أن تأسيسه على ذلك كان مبتدأ من أول يوم من أيام وجوده لا حادثا بعده ولايمكن أن يراد من أول الأيام مطلقا ضرورة نعم قال الذاهبون إلى أن المراد بالمسجد مسجد قباء : إن المراد من أول أيام الهجرة ودخول المدينة .
قال السهيلي : ويستفاد من الآية صحة ما إتفق عليه الصحابة رضي اللهتعالى عنهم أجمعين مع عمر رضي الله تعالى عنه حين شاورهم في التاريخ فإتفق رأيهم على أن يكون من عام الهجرة لأنه الوقت الذي أعز الله فيه الإسلام والحين الذي أمن فيه النبي صلى الله عليه وسلّم وبنيت المساجد وعبدالله تعالى كما يجب فوافق رأيهم هذا ظاهر التنزيل وفهمنا الآن بنقلهم أن قولهتعالى : من أول يوم أن ذلك اليوم هو أول أيام التاريخ الذي نؤرخ به الآن فإن كان الصحابة Bهم أخذوه من هذه الآية فهو الظن بهم لأنهم أعلم الناس بتأويل كتاب الله تعالى وأفهمهم بما فيه من الإشارات وإن كان ذلك عن رأي وإجتهاد فقد علمه تعالى وأشار إلىصحته قبل أن يفعل اذ لا يعقل قول القائل فعلته أول يوم إلا بالإضافةإلى عام معلوم أو شهر معلوم أو تاريخ كذلك وليس ههنا إضافة فيالمعنى الا إلى هذا التاريخ المعلوم لعدم القرائن الدالة على غيره منقرينة لفظ أو حال فتدبره ففيه معتبر لمن إدكر وعلم لمن رأى بعين فؤاده وإستبصر إنتهى ولا يخفى على المطلع على التاريخ أن ما وقع كانعن إجتهاد وأن قوله : وليس ههنا إضافة إلخ محل نظر ويستفاد من الآية أيضا على ما قيل النهي عن الصلاة في مساجد بنيت مباهاة أو رياء وسمعة أو لغرض سوي إبتغاء وجه الله تعالى وألحق بذلك مسجد بنيبمال غير طيب .
وروي عن شقيق مايؤيد وروى عن عطاء لما فتح الله الأمصار على عمررضي الله تعالى عنه أمر المسلمين أن يبنوا المسجد وأن لا يتخذوا في مدينة مسجدين يضار أحدهما صاحبه ومن حمل التطهير فيها على ما نطقت به الأخبار السابقة قال : يستفاد منها سنية الإستنجاء بالماء وجاءمن حديث البزار تفسيره بالجمع بين الماء والحجر وهو أفضل من الإقتصار على أحدهما وفسره بعضهم بالتخلص عن المعاصي والخصال المذمومة وهو معنى مجازي له وإذا فسر بما يشتمل التطهير من الحدث الأكبر والخبث والتنزه من المعاصي ونحوها كان فيه من المدح ما فيه وجوز في جملة فيه رجال ثلاثة أوجه أن تكون مستأنفة مبينة لأحقية القيام في ذلكالمسجد من جهة الحال بعد بيان الأحقية من جهة المحل وأن يكون صفة للمبتدأ جاءت بعد خبره وأن تكون حالا من الضمير في فيه وعلى كلحال ففيها تحقيق وتقرير لإستحقاق القيام فيه وقرىء أن يطهروا بالإدغام .
والله يحب المطهرين 108 أي يرضى عنهم ويكرمهم ويعظم ثوابهم وهو المراد بمحبة الله تعالى عند