يعني بها ما أشرنا إليه والآية المذكورة كما روي عن الكلبي نزلت في أسد وغطفان والعبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب .
وأجدر أي أحق وأخلق وهو على ما قال الطبرسي مأخوذ من جدر الحائط بسكون الدال وهو أصله وأساسه ويتعدى بالباء فقوله تعالى : ألا يعلموا بتقدير بأن لايعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله .
وهي كما أخرج أبو الشيخ عن الضحاك الفرائض وما أمروا به من الجهاد وأدرج بعضهم السنن في الحدود والمشهور أنها تخص الفرائض أو الأوامر والنواهي لقوله تعالى : تلك حدود الله فلا تعتدوها و تلك حدود الله فلا تقربوها ولعل ذلك من باب التغليب ولا بعد فيه فإن الأعراب أجدر أن لايعلموا كل ذلك لبعدهم عمن يقتبس منه وقيل : المراد منها بقرينة المقام وعيده تعالى على مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلّم في الجهاد وقيل : مقادير التكاليف والله عليم يعلم أحوال كل من أهل الوبر والمدر حكيم 97 بما سيصيب به مسيئهم ومحسنهم من العقاب والثواب .
ومن الأعراب أي من جنسهم الذي نعت بنعت بعض أفراده وقيل : من الفريق المذكور من يتخذ أي يعد ما ينفق أي يصرفه في سبيل الله تعالى ويتصدق به كما يقتضيه المقام مغرما أي غرامة وخسرانا من الغرام بمعنى الهلاك وقيل : من الغرم وهو نزول نائبة من غير جناية وأصله من الملازمة ومنه قيل لكل من المتداينين غريم وإنما أعدوه كذلك لأنهم لا ينفقونه إحتسابا ورجاء لثواب الله تعالى ليكون لهم مغنما وإنما ينفقونه تقية ورئاء الناس فيكون غرامة محضة وما في صيغة الإتخاذ من معنى الإختيار والإنتفاع بما يتخذ إنما هو بإعتبار غرض المنفق من الرياء والتقية لا بإعتبار ذات النفقة أعنيكونها غرامة ويتربص بكم الدوائر أي ينتظر بكم نوب الدهر ومصائبه التي تحيط بالمرء لينقلب بها أمركم ويتبدل بها حالكم فيتخلص مما أبتلي به عليهم دائرة السوء دعاء عليهم بنحو ما يتربصون به وهوإعتراض بين كلامين كما في قوله تعالى : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا إلخ وجوز أن تكون الجملة إخبارا عنوقوع ما يتربصون به عليهم والدائرة إسم للنائبة وهي في الأصل مصدر كالعافية والكاذبة أو إسم فاعل من دار يدور وقد تقدم تمام الكلام عليها و السوء في الأصل مصدر أيضا ثم أطلق على كل ضرر وشر وقد كان وصفا للدائرة ثم أضيفت إليه فالإضافة من باب إضافة الموصوف إلى صفتهكما في قولك : رجل صدق وفيه من المبالغة ما فيه وعلى ذلك قوله تعالى : ماكان أبوك أمرأ سوء وقيل : معنى الدائرة يقتضي معنى السوء فالإضافة للبيان والتأكيد كما قالوا : شمس النهار ولحيا رأسه وقرأابن كثير وأبو عمرو السوء هنا وفي ثانية الفتح بالضم وهو حينئذ إسم بمعنى العذاب وليس بمصدر كالمفتوح وبذلك فرق الفراء بينهما : وقال أبو البقاء : السوء بالضم الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال : سؤته سوءا ومساءة ومسائية وبالفتح الفساد والرداءة وكأنه يقول بمصدرية كل منهما في الحقيقة كما فهمه الشهاب من كلامه وقال مكي : المفتوح معناه الفساد والمضموم معناه الهزيمة والضرر وظاهره كما قيل أنهما إسمان والله سميع بمقالاتهم الشنيعة عند الإنفاق عليم 98 بنياتهم الفاسدة التي من جملتها أن يتربصوا بكم الدوائر وفيهمن شدة الوعيد