إستصلاحهم باللوم والعتاب وإما تعليل مستقل أي وكفتهم النار عتاباعلى حد عتابه السيف ووعظه الصفع فلا تتكلفوا أنتم بذلك جزاء نصب على أنه مفعول مطلق مؤكد لفعل مقدر من لفظه وقع حالا أي يجزون جزاء أو لمضمون ما قبله فإنه مفيد لمعنى المجازاة كأنه قيل : مجزيون جزاء بما كانوا يكسبون 95 أي بما يكسبونه على سبيل الإستمرار من فنون السيآت في الدنيا أو بكسبهم المستمر لذلك .
وجوز أن يكون مفعولا له وحالا من الخبر عند من يرى ذلك .
يحلفونلكم بدل مما سبق والمحلوف عليه محذوف لظهوره كما تقدم أي يحلفون به تعالى على ما إعتذروا لترضوا عنهم بحلفهم وتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم فإن ترضوا عنهم حسبما طلبوا فإن الله لا يرضى عن القوم الفسقين 96 أي فرضا لا ينتج لهم نفعا لأن الله تعالى ساخط عليهم ولا أثر لرضا أحد مع سخطه تعالى وجوز بعضهم كون الرضا كناية عن التلبيس أي ان أمكنهم أن يلبسوا عليكم بالأيمان الكاذبة حتى يرضوكم لا يمكنهم أن يلبسوا على الله تعالى بذلك حتى يرضى عنهم فلاتهتك أستارهم ولا يهينهم وهو خلاف الظاهر ووضع الفاسقين موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالخروج عن الطاعة المستوجبة لما حل بهم والمراد من الآية نهي المخاطبين عن الرضا عنهم والإغترار بمعاذيرهم الكاذبة علىأبلغ وجه وآكده فإن الرضا عمن لا يرضى عنه الله تعالى مما لا يكاد يصدر عن المؤمن والآية نزلت على ماروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في جد بن قيس ومعتب ابن قشير وأصحابهما من المنافقين وكانوا ثمانين رجلا أمر النبي صلى الله عليه وسلّم المؤمنين لما رجعوا إلى المدينة أن لا يجالسوهم ولا يكلموهم فامتثلوا وعن مقاتل أنها نزلت في عبدالله بن أبي حلف للنبي A أن لايتخلف عنه أبدا وطلب أن يرضى فلم يفعل A .
الأعراب هي صيغة جمع وليست بجمع للعرب على ماروي عن سيبويه لئلا يلزم كون الجمع أخص من الواحد فإن العرب هذا الجيل المعروف مطلقاوالأعراب سكان البادية منهم ولذا نسب إلى الأعراب على لفظه فقيل أعرابي وقيل : العرب سكان المدن والقرى والأعراب سكان البادية من هذا الجيل أو مواليهم فهما متباينان ويفرق بين الجمع والواحد بالياء فيهما فيقال للواحد عربي وأعرابي وللجماعة عرب وأعراب وكذا أعاريب وذلك كما يقال الواحد : مجوسي ويهودي ثم تحذف الياء في الجمع فيقال المجوس واليهود أي أصحاب البدو أشد كفرا ونفاقا من أهل الحضر الكفار والمنافقين لتوحشهم وقساوة قلوبهم وعدم مخالطتهم أهل الحكمة وحرمانهم إستماع الكتاب والسنة وهم أشبه شيء بالبهائم وفيالحديث عن الحسن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي A قال : من سكن البادية جفا ومن إتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان إفتتن وجاء ثلاثة من الكبائر وعد منها التعرب بعد الهجرة وهو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا وكان من رجع بعدالهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد وكان ذلك لغلبة الشرفي أهل البادية والطبع سراق أو للبعد عن مجالس العلم وأهل الخيروإنه ليفضي إلى شر كثير والحكم على الأعراب بما ذكر من باب وصف الجنس بوصف بعض أفراده كما في قوله تعالى : وكان الإنسان كفورا إذ ليس كلهم كما ذكر ويدل عليه قوله تعالى الآتي : ومن الأعراب من يؤمن إلخ وكان ابن سيرين كما أخرج أبو الشيخ عنه يقول : إذا تلاأحدكم هذه الآية فليقل الآية الأخرى