ورسوله .
للإيذان بإختلاف حال الرؤيتين وتفاوتهما وللإشعار بأن مدار الوعيد هو علمه D بأعمالهم ثم تردون يوم القيامة إلى عالم الغيب والشهادة للجزاء بما ظهر منكم من الأعمال ووضع الوصف موضع الضمير لتشديد الوعيد فإن علمه سبحانه بجميع أعمالهم الظاهرة والباطنة وإحاطته بأحوالهم البارزة والكامنة مما يوجب الزجر العظيم وتقديم الغيب على الشهادة قيل : لتحقيق أن نسبة علمه تعالى المحيط إلى سائر الأشياء السر والعلنواحدة على أبلغ وجه وآكده كيف لا وعلمه تعالى بمعلوماته منزه عن أن يكون بطريق حصول الصورة بل وجود كل شيء وتحققه في نفسه علم بالنسبة إليه تعالى وفي هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأمورالبارزة والكامنة إنتهى .
ولا يخفى عليك أن هذا قول يكون علمه سبحانه بالأشياء حضوريا لا حصوليا وقد إعترضوا عليه بشمول علمه جل وعلا الممتعات والمعدومات الممكنةوالعلم الحضوري يختص بالموجودات العينية لأنه حضور المعلوم بصورته العينية عند العالم فكيف لا يختلف الحال فيه بين الأمور البارزة والكامنة تشمل المعدومات الممكنة والممتنعة ولا يتصور فيها التحقق في نفسها حتى يكون علما له تعالى كذا قيل وفيه نظر وتحقيق علم الواجب سبحانه بالأشياء من المباحث المشكلة والمسائل المعضلة التي كمتحيرت فيها أفهام وزلت من العلماء الأعلام أقدام ولعل النوبة إن شاءالله تعالى تفضي إلى تحقيق ذلك فينبئكم عند ردكم إليه سبحانه ووقوفكم بين يديه بما كنتم تعملون 94 أي بما تعملونه على الإستمرار في الدنيا من الأعمال السيئة السابقة واللاحقة على أن ما موصولة أو بعملكم المستمر على أن ما مصدرية والمراد من التنبئة بذلك المجازاة عليه وإيثارها عليها لمراعاة ما سبق من قوله تعالى : قد نبأنا الله إلخ وللإيذان بأنهم ما كانوا عالمين في الدنيا بحقيقة أعمالهم وإنما يعملونها يومئذ سيحلفون بالله لكم تأكيدا لمعاذيرهم الكاذبة وترويجا لها والسين للتأكيد على مامر والمحلوف عليه ما يفهم من الكلام وهو ما إعتذر به من الأكاذيب والجملة بدل من يعتذرون أو بيان له إذا انقلبتم من سفركم إليهم والإنقلاب هوالرجوع والإنصراف مع زيادة معنى الوصول والإستيلاء وفائدة تقييد حلفهم كما قال بعض المحققين به الإيذن بأنه ليس لرفع ما خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلّم به من قوله تعالى : لا تعتذروا إلخ بل هو أمر مبتدأ لتعرضوا عنهم فلا تعاتبوهم وتصفحوا عما فرط منهم صفح رضا كما يفصح عنه قول تعالى : لترضوا عنهم فأعرضوا عنهم لكن لا إعراض رضا كما طلبوابل إعراض إجتناب ومقت كما ينبيء عنه التعليل بقوله سبحانه : إنهم رجس فإنه صريح في أن المراد بالإعراض إما الإجتناب عنهم لما يفهم من القذارة الروحانية وإما ترك إستصلاحهم بترك المعاملة المقصود منها التطهير بالحمل على التوبة وهؤلاء أرجاس لا تقبل التطهير وقيل : إن لتعرضوا بتقدير للحذر عن أن تعرضوا على أن الإعراض فيه اعراض مقت أيضا ولا يخفى أنه تكلف لا يحتاج إليه وقوله تعالى : ومأوهم جهنم إما من تمام التعليل فإن كونهم من أهل النار من دواعي الإجتناب عنهم وموجبات ترك