ولا يجوز تأويل الجماعة عنده إذ ما من إثبات إلا ويمكن تأويله بالنفي فيلزم جريان التفريغ في كل شيء وهو كما ترى والحق أنه لا مانع من التأويل إذا إقتضاه المقام وإتمام النور بإعلاء كلمة التوحيد وإعزاز دين الإسلام ولو كره الكافرون .
23 .
- جواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه أي يتم نوره .
والجملة معطوفة على جملة قبلها مقدرة أي لو لم يكره الكافرون ولو كره وكلتاهما في موضع الحال والمراد أنه سبححانه يتم نوره ولا بد هو الذي أرسل رسوله محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم متلبسا بالهدى أي القرآن الذي هو هدى للمتقين ودين الحق أي الثابت وقيل : دينه تعالى وهو دين الإسلام ليظهره أي الرسول E على الدين كله أي على أهل الأديان كلها فيخذلهم أو ليظهر دين الحق على سائر الأديان بنسخه إياها حسبما تقتضيه الحكمة فأل في الدين سواء كان الضمير للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أم للدين الحق للإستغراق وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الضمير للرسول E وأل للعهد أي ليعلمه شرائع الدين كلها ويظهره عليها حتى لا يخفى عليه E شيء منها وأكثر المفسرين على الإحتمال الثاني قالوا : وذلك عند نزول عيسى عليه السلام فإنه حينئذ لا يبقى دين سوى دين الإسلام والجملة بيان وتقرير لمضمون الجملة السابقة لأن مآل الإتمام هو الإظهار ولو كره المشركون .
33 .
- على طرز ما قبله خلا إن وصفهم بالشرك بعد وصفهم بالكفر قيل : للدلالة على أنهم ضموا الكفر بالرسول إلى الشرك بالله تعالى وظاهر هذا أن المراد بالكفر فيما تقدم الكفر بالرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وتكذيبه وبالشرك الكفر بالله سبحانه بقرينة التقابل ولا مانع منه .
وقد علمت ما في هذين المتممين من المناسبة التي يليق أن يكون فلك البلاغة حاويا لها فتدبر .
يا أيها الذين آمنوا شروع في بيان حال الأحبار والرهبان في إغوائهم لأراذلهم إثر بيان سوء حال الاتباع في إتخاذهم لهم أربابا وفي ذلك تنبيه للمؤمنين حتى لا يحوموا حول ذلك الحمى ولذا وجه الخطاب إليهم إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل يأخذونها بالإرتشاء لتغيير الأحكام والشرائع والتخفيف والمسامحة فيها والتعبير عن الأخذ بالأكل مجاز مرسل والعلاقة العلية والمعلولية أو اللازمية والملزومية فإن الأكل ملزوم للأخذ كما قيل .
وجوز أن يكون المراد من الأموال الأطعمة التي تؤكل بها مجازا مرسلا ومن ذلك قوله : يأكلن كل ليلة أكافا فإنه يريد علفا يشتري بثمن أكاف واختار هذا العلامة الطيبي وهو أحد وجهين ذكرهما الزمخشري وثانيهما أن يستعار الأكل للأخذ وذلك على ما قرره العلامة أن يشبه حالة أخذهم أموال الناس من غير تمييز بين الحق والباطل وتفرقة بين الحلال والحرام للتهالك على جمع حطامها بحالة منهمك جائع لا يميز بين طعام وطعام في التناول ثم ادعى أنه لا طائل تحت هذه الإستعارة وأن استشهاده بأخذ الطعام وتناوله سمج وأجيب بأن الإستشهاد به على أن بين الأخذ والتناول شبها وإلا فذاك عكس المقصود وفائدة الإستعارة المبالغة في أنه أخذ بالباطل لأن الأكل غاية الإستيلاء على الشيء ويصر قوله تعالى : بالباطل على هذا زيادة مبالغة ولا كذلك لو قيل يأخذون ويصدون الناس