أو ليوحدوا الله تعالى فكيف يصح أن يكونوا أربابا وهم مأمورون مستعبدون مثلهم ولا يخفى أن تخصيص العبادة به تعالى لا يتحقق إلا بتخصيص الطاعة أيضا به تعالى ومتى لم يخص به جل شأنه لم تخص العبادة به سبحانه لا إله إلا هو صفة ثانية لإلها أو إستئناف وهو على الوجهين مقرر للتوحيد وفيه على ما قيل فائدة زائدة وهو ما سبق يحتمل غير التوحيد بأن يؤمروا بعبادة إله واحد من بين الألهة فإذا وصف المأور بعبادته بأنه هو المنفرد بالألوهية تعين المراد وجوز أن يكون صفة مفسرة لواحدا سبحانه عما يشركون .
13 .
- تنزيه له أي تنزيه عن الإشراك به في العبادة والطاعة يريدون أن يطفؤا نور الله إطفاء النار على ما في القاموس إذهاب لهبها الموجب لإذهاب نورها لا إذهاب نورها على ما قيل لكن لما كان الغرض من إطفاء نار لا يراد بها إلا النور كالمصباح إذهاب نورها جعل إطفاؤها عبارة عنه ثم شاع ذلك حتى كان عبارة عن مطلق إذهاب النور وإن كان لغير النار والمراد بنور الله حجته تعالى النيرة المشرقة الدالة على وحدانيته وتنزهه سبحانه عن الشركاء والأولاد أو القرآن العظيم الصادع الصادح بذلك وقيل : نبوته E التي ظهرت بعد أن استطال دجا الكفر صبحا منيرا وأيا ما كان فالنور استعارة أصلية تصريحية لما ذكر وإضافته إلى أن الله تعالى قرينة والمراد من الإطفاء الرد والتكذيب أي يريد أهل الكتابين أن يردوا ما دل على توحيد الله تعالى وتنزيهه عما نسبوه إليه سبحانه بأفواههم أي بأقاويلهم الباطلة الخارجة عنها من غير أن يكون لها مصداق وتنطبق عليه أو أصل تستند إليه بل كانت أشبه شيء بالمهملات قيل : ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تمثيلية بأن يشبه حالهم في محولة إبطال نبوته صلى الله تعالى عليه وسلم بالتكذيب بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم منبث في الآفاق ويكون قوله تعالى : ويأبى الله إلا أن يتم نوره ترشيحا للإستعارة لأن إتمام النور زيادة في استنارته وفشو ضوئه فهو تفريع على المشبه به وما بعد من قوله سبحانه : هو الذي الخ تجريد وتفريع على الفرع وروعي في كل من المشبه والمشبه به معنى الإفراط والتفريط حيث شبه الإبطال بالإطفاء بالفم ونسب النور إلى الله تعالى العظيم الشأن ومن شأن النور المضاف إليه سبحانه أن يكون عظيما فكيف يطفى بنفخ الفم وتمم كلا من الترشيح والتجريد بما تمم لما بين الكفر الذي هو ستر وإزالة للظهور والإطفاء من المناسبة وبين دين الحق الذي هو التوحيد والشرك من المقابلة انتهى .
ولا يخلو عن حسن والظاهر أن المراد بالنور هنا هو الأول إلا أنه أقيم الظاهر مقام الضمير وأضيف إلى ضميره سبحانه لمزيد الإعتناء بشأنه وللإشعار بعلة الحكم والإستثناء مفرغ فالمصدر منصوب على أنه مفعول به والمصحح للتفريغ عند جمع كون يأبى في معنى النفي والمراد به إما لا يريد لوقوعه في مقابلة يريدون كما قيل أو لا يرضى كما ارتضاه بعض المحققين بناء على أن المراد بإرادة إتمام نوره سبحانه إرادة خاصة وهي الإرادة على وجه الرضا بقرينة ولو كره الكافرون لا الإرادة المجامعة لعدم الرضا كما هو مذهب أهل الحق خلافا لمن يسوي بينهما وقال الزجاج : إن مصحح التفريغ عموم المستثنى منه وهو محذوف ولا يضر كون ذلك نسبيا إذ غالب العموميات كذلك بل قد قيل : ما من عام إلا وقد خص منه البعض أي يكره كل شيء يتعلق بنوره إلا إتمامه وقرينة التخصيص السياق