الراغب في مثل ذلك أرغب عند المحققين بل قيل : إن كلام القاموس ليس بعمدة في مثله وقوله تعالى : مدبرين .
52 - حال مؤكدة وهو من الإدبار بمعنى الذهاب إلى خلف والمراد منهزمين .
ثم أنزل الله سكينته على رسوله أي رحمته التي تسكن بها القلوب وتطمئن إطمئنانا كليا مستتبعا للنصر القريب وأما مطلق السكينة فقد كانت حاصلة له صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى المؤمنين عطف على رسوله وإعادة الجار للإيذان بالتفاوت والمراد بهم الذين انهزموا وفيه دلالة على أن الكثرة لا تنافي الإيمان .
وعن الحسن أنهم الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل : المراد ما يعم الطائفتين ولا يخلو عن حسن ولا ضير في تحقق أصل السكينة في الثابتين من قبل وفسر بعضهم السكينة بالأمان وهو له صلى الله تعالى عليه وسلم بمعاينة الملائكة عليهم السلام ولمن معه بظهور علامات ذلك وللمنهزمين بزوال قلقهم واضطرابهم باستحضار إن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أو نحو ذلك والظاهر أن ثم في محلها للتراخي بين الإنهزام وإنزال السكينة على هذا الوجه .
وقيل : إذا أريد من المؤمنين المنهزمون فهي على محلها وإن أريد الثابتون يكون التراخي في الاخبار أو باعتبار مجموع هذا الإنزال وما عطف عليه وجعلها للتراخي الرتبى بعيد وأنزل جنودا لم تروها بأبصاركم كما يرى بعضكم بعضا وهم الملائكة عليهم السلام على خيول بلق عليهم البياض وكون المراد لم تروا مثلها قبل ذلك خلاف الظاهر ولم نر في الآثار ما يساعده واختلف في عددهم فقيل : ثمانية آلآف لقوله تعالى : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلآف مع قوله سبحانه بعد : يمددكم ربكم بخمسة آلآف وقيل : خمسة آلآف للآية الثانية والثلاثة الأولى داخلة في هذه الخمسة وقيل : ستة عشر ألفا بعدد العسكرين اثنا عشر ألفا عسكر المسلمين وأربعة آلآف عسكر المشركين وكذا اختلفوا في أنهم قاتلوا في هذه الوقعة أم لا والجمهور على أن الملائكة لم يقاتلوا إلا يوم بدر وإنما نزلوا لتقوية قلوب المؤمنين بالقاء الخواطر الحسنة وتأييدهم بذلك والقاء الرعب في قلوب المشركين فعن سعيد بن المسيب قال حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما كشفنا المسلمين جعلنا نسوقهم فلما إنتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء تلقانا رجال بيض الوجوه فقالوا : شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا فركبوا أكتافنا .
واحتج من قال : إنهم قاتلوا بما روي أن رجلا من المشركين قال لبعض المؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق والرجال عليهم ثياب بيض ما كنا نراهم فيكم إلا كهيئة الشامة وما كان قتلنا إلا بأيديهم فأخبر بذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال E : تلك الملائكة وليس له سند يعول عليه وعذب الذين كفروا بالقتل والأسر والسبي وذلك أي ما فعل بهم مما ذكر جزآء الكافرين .
62 .
- لكفرهم في الدنيا ثم يتوب الله من بعد ذلك التعذيب على من يشاء أن يتوب عليه منهم لحكمة تقتضيه والمراد يوفقه للإسلام والله غفور يتجاوز عما سلف منهم من الكفر والمعاصي رحيم .
72 .
- يتفضل عليهم ويثيبهم بلا وجوب عليه سبحانه روى البخاري عن المسور بن مخرمة أن أناسا منهم جاءوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبايعوه على الإسلام وقالوا : يا رسول الله أنت خير الناس