رضي الله تعالى عنهما : لن نغلب اليوم من قلة اعجابا بكثرتهم وقيل : إن قائل ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واستبعد ذلك الإمام لإنقطاعه صلى الله تعالى عليه وسلم عن كل شيء سوى الله D ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي في الدلائل عن الربيع أن رجلا قال يوم حنين : لن نغلب من قلة فشق ذلك على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والظاهر أن هذه الكلمة إذا لم ينضم إليها أمر آخر لا تنافي التوكل على الله تعالى ولا تستلزم الإعتماد على الأسباب وإنما شقت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما انضم إليها من قرائن الأحوال مما يدل على الإعجاب ولعل القائل أخذها من قوله E : خير الأصحاب أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلآف ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلة كلمتهم واحدة لكن صحبها ما صحبها من الإعجاب ثم إن القوم اقتتلوا قتالا شديدا فأدرك المسلمون إعجابهم والجمع قد يؤخذ بفعل بعضهم فولوا مدبرين وكان أول من انهزم الطلقاء مكرا منهم وكان ذلك سببا لوقوع الخلل وهزيمة غيرهم وقيل : إنهم حملوا أولا على المشركين فهزموهم فأقبلوا على الغنائم فتراجعوا عليهم فكان ما كان والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم على بغلته الشهباء تزول الجبال ولا يزول ومعه العباس وابن عمه أبو سفيان بن الحرث وابنه جعفر وعلي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه وربيعة بن الحرث والفضل ابن العباس وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد وقتل رضي الله تعالى عنه بين يديه E وهؤلاء من أهل بيته وثبت معه أبوبكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فكانوا عشرة رجال ولذا قال العباس رضي الله تعالى عنه : نصرنا رسول الله في الحرب تسعة وقد فر من قد فر منهم وأقشعوا وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه بما مسه في الله لا يتوجع وقد ظهر منه صلى الله تعالى عليه وسلم من الشجاعة في تلك الوقعة ما أبهر العقول وقطع لأجله أصحابه رضي الله تعالى عنهم بأنه E أشجع الناس وكان يقول إذ ذاك غير مكترث بأعداء الله تعالى .
أنا النبي لا كذب .
أنا ابن عبد المطلب .
واختار ركوب البغلة إظهارا لثباته الذي لا ينكره إلا الحمار وأنه E لم يخطر بباله مفارقة القتال فقال للعباس وكان صيتا : صح بالناس فناد يا عباد الله يا أصحاب الشجرة يا أصحاب سورة البقرة فكروا عنقا واحدا واحدا لهم حنين يقولون : لبيك لبيك ونزلت الملائكة فالتقوا مع المشركين فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : هذا حين حمي الوطيس ثم أخذ كفا من تراب فرماهم ثم قال صلى الله تعالى عليه وسلم : انهزموا ورب الكعبة فانهزموا وتفصيل القصة على أتم وجه في كتب السير فلم تغن عنكم أي لم تنفعكم تلك الكثرة شيئا من النفع في أمر العدو أو لم تعطكم شيئا يدفع حاجتكم وضاقت عليكم الأرض بما رحبت أي برحبها وسعتها على أن ما مصدرية والباء للملابسة والمصاحبة أي ضاقت مع سعتها عليكم وفيه إستعارة تبعية إما لعدم وجدان مكان يقرون به مطمئنين أو أنهم لا يجلسون في مكان كما لا يجلس في المكان الضيق ثم وليتم أي الكفار ظهوركم على أن ولى متعدية إلى مفعولين كما في قوله سبحانه : فلا تولوهم الأدبار ويدل عليه كلام الراغب وزعم بعضهم أنه لا حاجة إلى تقدير مفعولين لما في القاموس ولى تولية أدبر بل لا وجه له عند بعض وليس بشيء والإعتماد على كلام