وأبر الناس وقد سبى أهلونا وأولادنا وأخذت أموالنا وقد سبى يومئذ ستة آلاف نفس وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى فقال E : إن عندي ما ترون إن خير القول أصدقه اختاروا إما ذراريكم ونساؤكم وإما أموالكم قالوا : ما كنا نعدل بالأحساب شيئا فقام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن هؤلاء جاؤنا مسلمين وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال فلم يعدلوا بالأحساب شيئا فمن كان بيده شيء وطابت به نفسه أن يرده فشأنه ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه قالوا : قد رضينا وسلمنا فقال E : إنا لا ندري لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا فرفعت إليه صلى الله تعالى عليه وسلم العرفاء أنهم قد رضوا يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس أخبر عنهم بالمصدر للمبالغة كأنهم عين النجاسة أو المراد ذوو نجس لخبث بواطنهم وفساد عقائدهم أو لأن معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس أو لأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات فهي ملابسة لهم وجوز أن يكون نجس صفة مشبهة وإليه ذهب الجوهري ولابد حينئذ من تقدير موصوف مفرد لفظا مجموع معنى ليصح الاخبار به عن الجمع أي جنس نجس ونحوه وتخريج الآية على أحد الأوجه المذكورة هو الذي يقتضيه كلام أكثر الفقهاء حيث ذهبوا إلى أن أعيان المشركين طاهرة ولا فرق بين عبدة الأصنام وغيرهم من أصناف الكفار في ذلك وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : من صافح مشركا فليتوضأ أو ليغسل كفيه وأخرج ابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال : استقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جبريل عليه السلام فناوله يده فأبى أن يتناولها فقال : يا جبريل ما منعك أن تأخذ بيدي فقال : إنك أخذت بيد يهودي فكرهت أن تمس يدي يدا قد مستها يد كافر فدعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بماء فتوضأ فناوله يده فتناولها وإلى ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مال الإمام الرازي وهو الذي يقتضيه ظاهر الآية ولا يعدل عنه إلا بدليل منفصل قيل : وعلى ذلك فلا يحل الشرب من أوانيهم ولا مؤاكلتهم ولا لبس ثيابهم لكن صح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والسلف خلافه واحتمال كونه قبل نزول الآية فهو منسوخ بعيد والإحتياط لا يخفى والإستدلال على طهارتهم بأن أعيانهم لو كانت نجسة ما أمكن بالإيمان طهارتها إذ لا يعقل كون الإيمان مطهرا ألا ترى أن الخنزير لو قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله لا يطهر وإنما يطهر نجس العين بالإستحالة على قول من يرى ذلك وعين الكافر لم تستحل بالإيمان عينا أخرى ليس بشيء وإن ظنه من تهوله القعقعة شيئا لأن الطهارة والنجاسة أمران تابعان لما يفهم من كلام الشارع E وليستا مربوطتين بالإستحالة وعدمها فإذا فهم منه نجاسة شيء في وقت وطهارته في وقت آخر أو ما بالعكس كما في الخمر اتبع وإن لم يكن هناك استحالة وذلك ظاهر وقرأ ابن السميقع أنجاس على صيغة الجمع وقرأ أبو حيوة نجس بكسر النون وسكون الجيم وهو تخفيف نجس ككبد في كبد ويقدر حينئذ موصوف كما قررناه آنفا فيما قاله الجوهري وأكثر ما جاء هذا اللفظ تابعا لرجس وقول الفراء وتبعه الحريري في درته إنه لا يجوز ذلك بغير إتباع ترده هذه القراءة إذ لا إتباع فيها فلا يقربوا المسجد الحرام تفريع على نجاستهم والمراد النهي عن الدخول إلا أنه نهى عن القرب للمبالغة وأخرج عبدالرازاق والنحاس عن