والجملة كما قال العلامة الطيبي مستأنفة كالتعليل لقوله تعالى : وأكثرهم فاسقون فيه أن من فسق وتمرد كان سببه مجرد اتباع الشهوات والركون الى اللذات وفسر بعضهم الثمن القليل بما أنفقه أبو سفيان من الطعام وصرفه الى الاعراب فصدوا أي عدلوا وأعرضوا على أنه لازم من صد صدودا أو صرفوا ومنعوا غيرهم على أنه متعد من صده عن الأمر صدا والفاء للدلالة على أن اشتراءهم أداهم الى الصدود أو الصد عن سبيله أي الدين الحق الموصل إليه تعالى والاضافة للتشريف أو سبيل بيته الحرام حيث كانوا يصدون الحجاج والعمار عنه فالسبيل إما مجاز وإما حقيقة وحينئذ إما أن يقدر في الكلام مضاف أوتجعل النسبة الاضافية متجوزا فيها إنهم ساء ما كانوا يعملون .
9 .
- أي بئسما كانوا يعملونه أو عملهم المستمر والمخصوص بالذم محذوف .
وقد جوز أن يكون كلمة ساء على بابها من التصرف لازمة بمعنى قبح أو معتدية والمفعول محذوف أي ساءهم الذي يعملونه أو عملهم وإذا كان جارية مجرى بئس تحول إلى فعل بالضم ويمتنع تصرفها كما قرر في محله وقوله سبحانه : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة نعى عليهم عدم مراعاة حقوق عهد المؤمنين على الاطلاق بخلاف الأول لمكان فيكم فيه وفي مؤمن في هذا فلا تكرار كما في المدارك وقيل : إنه تفسير لما يعملون وهو مشعر باختصاص الذم والسوء لعملهم هذا دون غيره وقيل : إن الاول عام في الناقضين وهذا خاص بالذين اشتروا وهم اليهود والاعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم للاستعانة بهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلّم وعليه فالمراد بالايات ما يشمل القرآن والتوراة وفي هذا القول تفكيك للضمائر وارتكاب خلاف الظاهر والجبائي يخص هذا باليهود وفيه ما فيه وأولئك أي الموصوفون بما عدد من الصفاة السيئة هم المعتدون .
1 .
- المجاوزون الغاية القصوى من الظلم والشرارة فان تابوا عما هم عليه من الكفر وسائر العظائم كنقض العهد وغيره والفاء للايذان بأن تقريعهم بما نعى عليهم من فظائع الأعمال مزجرة عنها ومظنة للتوبة وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة على الوجه المأمور به فاخوانكم أي فهم إخوانكم في الدين لهم ما لكم وعليهم ما عليكم والجار والمجرور متعلق باخوانكم كما قال أبو البقاء لما فيه من معنى الفعل قيل : ولاختلاف بين جواب هذه الشرطية وجواب الشرطية السابقة مع اتحاد الشرط فيهما لما أن الأولى سيقت إثر الأمر بالقتل ونظائره فيجب أن يكون جوابها أمرا بخلاف هذه وهذه سيقت بعد الحكم عليهم بالاعتداء وأشباهه فلا بد من أن كون جوابها حكما البتة وهذه الآية أجلب لقلوبهم من تلك الآية إذ فرق ظاهر بين تخلية سبيلهم وبين اثبات الاخوة الدينية لهم وبها استدل على تحريم دماء أهل القبلة وروى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما وجاء في رواية ابن جرير وأبي الشيخ عنه أنها حرمت قتال أو دماء أهل الصلاة والمآل واحد واستدل بها بعضهم على كفر تارك الصلاة إذ مفهومها نفي الاخوة الدينية عنه وما بعد الحق إلا الضلال ويلزمه القول بكفر مانع الزكاة أيضا بعين ما ذكره وبعض من لا يقول باكفارهما التزم تفسير اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بالتزامهما والعزم على إقامتهما ولا شك في كفر من لم يلتزمهما بالاتفاق .
وذكر بعض جلة الأفاضل أنه تعالى علق حصول الأخوة في الدين على مجموع الأمور الثلاثة التوبة وإقام الصلاة