وإيتاء الزكاة والمعلق على الشيء بكلمة إن ينعدم عند ذلك الشيء فيلزم أنه متى لم توجد هذه الثلاثة لا تحصل الأخوة في الدين وهو مشكل لأن المكلف المسلم لو كان فقيرا أو كان غنيا لكن لم ينقض عليه الحول لا يلزمه إيتاء الزكاة فإذا لم يؤتها فقد انعدم عنه ما توقف عليه حصول أخوة الدين فيلزم أن لا يكون مؤمنا إلا أن يقال : التعليق بكلمة إن إنما يدل على مجرد كون المعلق عليه مستلزما ما علق عليه ولا يدل على إنعدام المعلق عليه بانعدامه بل يستفاد ذلك من دليل خارجي لجواز أن يكون المعلق لازما أعم فيتحقق بدون تحقق ما جعل ملزوما له ولو سلم أن نفس التعليق يدل على انعدام المعلق عند انعدام المعلق عليه لكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك أن لا يكون المسلم الفقير مؤمنا بعدم إيتاء الزكاة وإنما يلزم ذلك أن لو كان المعلق عليه إيتاؤها على جميع التقادير وليس كذلك بل المعلق عليه هو الإيتاء عند تحقق شرائط مخصوصة مبينة بدلائل شرعية انتهى .
وأنت تعلم ما في القول بمفهوم الشرط من الخلاف والحنفية يقولون به والظاهر أن هذا البحث كما يجري في إيتاء الزكاة يجري في إقامة الصلاة واستدل ابن زيد باقترانهما على أنه لا تقبل الصلاة إلا بالزكاة .
وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أمرتم بالصلاة والزكاة فمن لم يزك فلا صلاة له ونفصل الآيات أي نبينها والمراد بها إما ما مر من الآيات المتعلقة بأحوال المشركين من الناكثين وغيرهم وأحكامهم حالتي الكفر والإيمان وأما جميع الآيات فيندرج فيها تلك الآيات إندراجا أوليا لقوم يعلمون .
11 .
- ما فصلنا أو من ذوي العلم على أن الفعل متعد ومفعوله مقدر أو منزل منزلة اللازم والعلم كما قيل كناية عن التأمل والتفكر أو مجاز مرسل عن ذلك بعلاقة السببية والجملة معترضة للحث على التأمل في الآيات وتدبرها وقوله تعالى : وإن نكثوا عطف على قوله سبحانه : فإن تابوا أي وإن لم يفعلوا ذلك بل نقضوا أيمانهم من بعد عهدهم الموثق بها وأظهروا ما في ضمائرهم من الشر وأخرجوه من القوة إلى الفعل وجوز أن يكون المراد وإن ثبتوا واستمروا على ما هم عليه من النكث وفسر بعضهم النكث بالإرتداد بقرينة ذكره في مقابلة فإن تابوا والأول أولى بالمقام وطعنوا في دينكم قدحوا فيه بأن أعابوه وقبحوا أحكامه علانية .
وجعل ابن المنير طعن الذمي في ديننا بين أهل دينه إذا بلغنا كذلك وعد هذا كثير ومنهم الفاضل المذكور نقضا للعهد فالعطف من عطف الخاص على العام وبه ينحل ما يقال : كان الظاهر أو طعنوا لأن كلا من الطعن وما قبله كاف في إستحقاق القتل والقتال وكون الواو بمعنى أو بعيد وقيل : العطف للتفسير كما في قولك : إستخف فلان بي وفعل معي كذا على معنى وإن نكثوا ايمانهم بطعنهم في دينكم والأول أولى ولا فرق بين توجيه الطعن إلى الدين نفسه إجمالا وبين توجيهه إلى بعض تفاصيله كالصلاة والحج مثلا ومن ذلك الطعن بالقرآن وذكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحاشاه بسوء فيقتل الذمي به عند جمع مستدلين بالآية سواء شرط انتقاض العهد به أم لا وممن قال بقتله إذا أظهر الشتم والعياذ بالله مالك والشافعي وهو قول الليث وأفتى به ابن الهمام والقول بأن أهل الذمة يقرون على كفرهم الأصلي بالجزية وذا ليس بأعظم منه فيقرون عليه بذلك أيضا وليس هو من الطعن المذكور في شيء ليس من الإنصاف في شيء ويلزم عليه أن لا يعزروا أيضا كما يعزرون بعد الجزية على الكفر الأصلي وفيه لعمري بيع يتيمة الوجود صلى الله تعالى عليه وسلم