وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة ومجاهد أن الال بمعنى الله D ومنه ما روى أن أبا بكر رضى الله تعالى عنه قرىء عليه كلام مسيلمة فقال لم يخرج هذا من أل فأين تذهب بكم قيل : ومنه اشتق الال بمعنى القرابة كما اشتقت الرحم من الرحمن والظاهر أنه ليس بعربي إذ لم يسمع في كلام العرب ال بمعنى إله ومن هنا قال بعضهم أنه عبري ومنه جبرال : وأيده بأنه قرىء إيلا وهو عندهم بمعنى الله أو الاله أي لا يخافون الله ولا يراعونه فيكم والذمة الحق الذي يعاب ويذم على اغفاله أو العهد وسمى به لأن نقضه يوجب الذم وهي في قولهم في ذمتي كذا محل الالتزام ومن الفقهاء من قال : هو معنى يصير به الآدمي على الخصوص أهلا لوجوب الحقوق عليه وقد تفسر بالأمان و الضمان وهي متقاربة وزعم بعضهم أن الال والذمة كلاهما هنا بمعنى العهد والعطف للتفسير ويأباه إعادة لا ظاهرا فليس هو نظير .
فالفى قولها كذبا ومينا .
فالحق المغايرة بينهما والمراد من الآية قيل : بيان أنهم اسراء الفرصة فلا عهد لهم وقيل : الارشاد إلى أن وجوب مراعاة حقوق العهد على كل من المتعاهدين مشروط بمراعاة الآخر لها فاذا لم يراعها المشركون فكيف تراعونها فهو على منوال قوله : علام تقبل منهم فدية وهم لا فضة قبلوا منا ولا ذهبا ولم أجد لهؤلاء مثلا من هذه الحيثية المشار إليها بقوله سبحانه : وإن يظهروا الخ إلا أناسا متزينين بزي العلماء وليس منهم ولا قلامة ظفر فانهم معى وحسبي الله وكفى على هذا الطرز فرفعهم الله تعالى لا قدرا وحطهم ولا حط عنهم وزرا وقوله سبحانه : يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم استئناف للكشف عن حقيقة شؤنهم الجلية والخفية دافع لما يتوهم من تعليق عدم رعاية العهد بالظفر أنهم يراعونه عند عدم ذلك حيث بين فيه أنهم في حالة العجز أيضا ليسوا من الوفاء في شىء وإن ما يظهرونه أخفاهم الله تعالى مداهنة لا مهادنة وكيفية ارضائهم المؤمنين أنهم يبدون لهم الوفاء والمصافات ويعدونهم بالايمان والطاعة ويؤكدون ذلك بالأيمان الفاجرة والمؤمن غر كريم إذا قال صدق وإذا قيل له صدق ويتعللون لهم عند ظهورهم خلاف ذلك بالمعاذير الكاذبة .
وتقييد الارضاء بالأفواه للايذان بأن كلامهم مجرد ألفاظ يتفوهون بها من غير أن يكون لها مصداق في قلوبهم وأكد هذا بمضمون الجملة الثانية وزعم بعضهم أن الجملة خالية من فاعل يرقبوا لا استئنافية ورد بأن الحال تقتضى المقارنة والارضاء قبل الظهور الذي هو قبل عدم الرقوب الواقع جزاء فأين المقارنة وأيضا ان بين الحالتين منافات ظاهرة فان الارضاء بالافواه حالة إخفاء الكفر والبغض مداراة للمؤمنين وحالة عدم المراعاة والوقوف حالة مجاهرة بالعداوة لهم وحيث تنافيا لا معنى لتقييد إحداهما بالأخرى وأكثرهم فاسقون .
8 .
- خارجون عن الطاعة متمردون لا عقيدة تزعهم ولا مروءة تردهم وتخصيص الأكثر لما في بعض الكفرة من التحامى عن العذر والتعفف عما يجر أحدوثة السوء ووصف الكفرة بالفسق في غاية الذم اشتروا بآيات الله أي المتضمنة للأمر بايفاء العهود والاستقامة في كل أمر أو جميع آياته فيدخل فيها ما ذكر دخولا أوليا والمراد بالاشتراء الاستبدال وفي الكلام استعارة تبعية تصريحية ويتبعها مكنية حيث شبهت الآيات بالشىء المبتاع وقد يكون هناك مجاز مرسل باستعمال المقيد وهو الاشتراء في المطلق وهو الاستبدال على حد ما قالوا في المرسن أي استبدلوا بذلك ثمنا قليلا أي شيئا حقيرا من حطام الدنيا وهو أهواؤهم وشهواتهم التي اتبعوها