إذ الحجة قد قامت عليهم وأن ما ذكره E قبل من الدلائل والبينات كاف في إزالة عذرهم بطلبهم للدليل لا يلتفت اليه بعد و إن شرطية والاسم مرفوع بشرط مضمر يفسره الظاهر لا بالابتداء ومن زعم ذلك فقد أخطأ كما قال الزجاج لأن إن لكونها تعمل العمل المختص بالفعل لفظا أو محلا مختصة به فلا يصح دخولها على الاسماء أي وإن استجارك أحد من المشركين استجارك أي استأمنك وطلب مجاورتك بعد انقضاء الأجل المضروب فأجره أي فآمنه حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويطلع على حقيقة ما تدعوا إليه والاقتصار على ذكر سماع لعدم الحاجة الى شىء آخر في الفهم لكونهم من أهل اللسن والفصاحة والمراد بكلام الله تعالى الآيات المشتملة على ما يدل على التوحيد ونفي الشبه والشبيه وقيل : سورة براءة وقيل : جميع القرآن لان تمام الدلائل والبينات فيه و حتى للتعليل متعلقة بما عندها وليست الآية من التنازع على ما صرح به الفاضل ابن العادل حيث قال : ولا يجوز ذلك عند الجمهور لأمر لفضي صناعي لأنا لو جعلناها من ذلك الباب واعملنا الاول اعني استجارك لزم اثبات الممتنع عندهم وهو إعمال حتى في الضمير فانهم قالوا : لا يرتكب ذلك الا في الضرورة كما في قوله : فلا والله لا يلفى أناس فتى حتاك يا ابن أبى زياد ضرورة أن القائلين باعمال الثاني يجوزون إعمال الأول المستدعى لما ذكر سيما على مذهب الكوفيين المبني على رجحان إعماله ومن جوز إعماله في الضمير يصح ذلك عنده لعدم المحذور حينئذ ويفهم ظاهر كلام بعض الافاضل جواز التعلق باستجارك حيث قال : لا داعي لتعلقه بأجره سوى الظن أنه يلزم أن يكون التقدير على تقدير التعلق بالاول وإن أحد من المشركين استجارك حتى يسمع كلام الله فأجره حتاه أي حتى السمع وهل يقول عاقل بتوقف تمام قولك إن استأمنك زيد لأمر كذا فآمنه على أن تقول لذلك الأمر كلا فرضنا الاحتياج ولزوم التقدير ولكن ما الموجب لتقدير حتاه الممتنع في غير الضرورة ولم لا يجوز أن يقدر أوله أو حتى يسمعه أو غير ذلك في معناه وقال آخر : إن لزوم الاضمار الممتنع على تقدير إعمال الأول لا يعين إعمال الثاني فلا يخرج التركيب من باب التنازع بل يعدل حينئذ إلى الحذف فان تعذر أيضا ذكر مظهرا كما يستفاد من كلام نجم الأئمة وغيره من المحققين .
وقد يقال : ان المانع من كونه من باب التنازع انه ليس المقصود تعليل الاستجارة بما ذكر كما أن المقصود تعليل الاجارة به نعم قال شيخ الإسلام ان تعليق الاجارة بسماع كلام الله تعالى يستلزم تعلق الاستجارة أيضا بذلك أو ما في معناه من أمور الدين وما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه أتاه رجل من المشركين فقال : ان أراد الرجل منا أن يأتى محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم بعد انقضاء هذا الاجل لسماع كلام الله تعالى أو لحاجة قتل قال : لا لأن الله تعالى يقول : و إن أحد من المشركين استجارك فأجره الخ فالمراد بما فيه من الحاجة هي الحاجة المتعلقة بالدين لا ما يعمها وغيرها من الحاجات الدنيوية كما ينبىء عنه قوله أن يأتي محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم فان من يأتيه E إنما يأتيه للأمور المتعلقة بالدين انتهى لكنه ليس بشىء لأن الظاهر من كلام ذلك القائل العموم فيكون جواب الامير كرم الله تعالى وجهه مؤيدا لما قلناه ويرد على قوله قدس سره أن يأتيه E انما يأتيه للامور المتعلقة بالدين منع ظاهر فلا يتم بناء الأنباء وجوز غير واحد كون حتى للغاية والخبر المذكور وجزالة المعنى يشهدان بكونها للتعليل بل قال المولى سرى الدين المصري :