إن جعلها للغاية يأباه قوله تعالى : ثم أبلغه بعد سماعه وكلام الله تعالى إن لم يؤمن مأمنه أي مسكنه الذي يأمن فيه أو موضع أمنه وهو ديار قومه على أن المأمن إسم مكان أو مصدر بتقدير مضاف والأول أولى لسلامته من مؤنة التقدير والجملة الشرطية على ما بينه في الكشف عطف على قوله سبحانه : فاقتلوا المشركين ولا حجة في الآية للمعتزلة على نفي الكلام النفسي لأن السماع قد ينسب إليه باعتبار الدال عليه أو يقال : إن الكلام مقول بالاشتراك أو بالحقيقة والمجاز على الكلام النفسي والكلام اللفضي ولا يلزم من تعين أحدهما في مقام نفي ثبوت الآخر في نفس الأمر وقد تقدم في المقدمات من الكلام ما يتعلق بهذا المقام فتذكر ذلك أى الأمن أو الأمر بأنهم أي بسبب أنهم قوم لا يعلمون .
6 .
- ما الاسلام وما حقيقة ما تدعوهم إليه أو قوم جهلة فلا بد من إعطاء الأمان حتى يفهموا ذلك ولا يبقى لهم معذرة أصلا والآية كما قال الحسن محكمة .
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة أنها منسوخة بقوله تعالى : وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة وروي ذلك عن السدي والضحاك أيضا وما قاله الحسن أحسن واختلف في مقدر مدة الامهال فقيل : أربعة أشهر وذكر النيسابوري أنه الصحيح من مذهب الشافعي وقيل : مفوض الى رأي الامام ولعله الأشبه .
كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله تبيين للحكمة الداعية لما سبق من البراءة ولواحقها والمراد من المشركين الناكثون لأن البراءة إنما هي في شأنهم والاستفهام لانكار الوقوع ويكون تمامه وكيف في محل النصب على التشبيه بالحال أو الظرف .
وقال غير واحد : ناقصة و كيف خبرها وهو واجب التقديم لأن الاستفهام له صدر الكلام و للمشركين متعلق بيكون عند من يجوز عمل الأفعال الناقصة بالظروف أو صفة لعهد قدمت فصارت حالا و عند اما متعلق بيكون على ما مر أو بعهد لأنه مصدر أو بمحذوف وقع صفة له وجوز أن يكون الخبر للمشركين و عند فيها الأوجه المتقدمة ويجوز أيضا تعلقها بالاستقرار الذي تعلق به للمشركين أو الخبر عند الله وللمشركين اما تبيين كما في سقيا لك فيتعلق بمقدر مثل أقول هذا الإنكار لهم أو متعلق بيكون واما حال من عهد أو متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر ويغتفر تقدم معمول الخبر لكونه جارا ومجرورا و كيف على الوجهين الأخيرين شبيه بالظرف أو بالحال كما في احتمال كون الفعل تاما وهو على ما قاله شيخ الإسلام الأولى لأن في إنكار ثبوت العهد في نفسه من المبالغة ما ليس في إنكار ثبوته للمشركين لأن ثبوته الرابطي فرع ثبوته العيني فانتفاء الأصل يوجب انتفاء الفرع رأسا وتعقب بأنه غير صحيح لما تقرر أن انتفاء مبدأ المحمول في الخارج لا يوجب انتفاء الحمل الخارجي لاتصاف الأعيان بالاعتباريات والعدميات حتى صرحوا بأن زيدا عمى قضية خارجية مع أنه لا ثبوت عينا للعمى وصرحوا بأن ثبوت الشىء للشىء وإن لم يقتض ثبوت الشىء الثابت في ظرف الاتصاف لكنه يقتضى ثبوته في نفسه ولو في محل انتزاعه وتحقيق ذلك في محله نعم في توجيه الانكار إلى كيفية ثبوت العهد من المبالغة ما ليس في توجيهه إلى ثبوته لأنه إذا انتفى جميع أحوال وجود الشىء وكل موجود يجب أن يكون وجوده على حال فقد انتفى وجوده على الطريق البرهاني أي في أي حال يوجد لهم عهد معتد به عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم يستحق أن يراعى حقوقه ويحافظ عليه إلى تمام المدة ولا يتعرض لهم بحسبه قتلا وأخذا