رضي الله تعالى عنه قد نص على أنه لا يقتل بالمقضية مطلقا والثالث أنه يقتل للمؤداة في آخر وقتها ويلزمه أن المبادرة إلى قتل تارك الصلاة تكون أحق منها إلى المرتد إذ هو يستتاب وهذا لا يستتاب ولا يمهل إذ لو أمهل صارت مقضية وهو محل كلام فلا حاجة إلى أن يجاب من طرف أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه كما قيل : بأن إستدلال الشافعية مبني على القول بمفعول الشرط وهو لا يعول به ولو سلمه فالتخلية الإطلاق عن جميع ما مر وحينئذ يقال : تارك الصلاة لا يخلى ويكفي لعدم التخلية أن يحبس على أن ذلك منقوض بمانع الزكاة عنده وأيضا يجوز أن يراد بإقامتهما التزامهما وإذا لم يلتزمهما كان كافرا إلا أنه خلاف المتبادر وإن قاله بعض المفسرين .
وأنت تعلم أن مذهب الشافعية ان من ترك صلاة واحدة كسلا بشرط إخراجها عن وقت الضرورة بأن لا يصلي الظهر مثلا حتى تغرب الشمس قتل حدا واستدل بعض أجلة متأخريهم بهذه الآية وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناسالحديث وبين ذلك بأنهما شرطا في الكف عن القتل والمقاتلة الاسلام واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة يمكن الامام أخذها ولو بالمقاتلة ممن امتنعوا منها وقاتلونا فكانت فيها على حقيقتها بخلافها في الصلاة فانه لا يمكن فعلها بالمقاتلة فكانت فيها بمعنى القتل ثم قال : فعلم وضوح الفرق بين الصلاة والزكاة وكذا الصوم فانه اذا علم انه يحبس طول النهار نواه فاجدى الحبس فيه ولا كذلك الصلاة فتعين القتل في حدها ولا يخفى أن ظاهر هذا قول بالجمع بين الحقيقة والمجاز في الآية والحديث لأن الصلاة والزكاة في كل منهما وفي الآية القتل وحقيقته لا تجري في مانع الزكاة وفي الحديث المقاتلة وحقيقتها لا تجري في تارك الصلاة فلا بد أن يراد مع القتل المقاتلة في الآية ومع المقاتلة القتل في الحديث ليتأتى جريان ذلك في تارك الصلاة ومانع الزكاة والجمع بين الحقيقة والمجاز لا يجوز عندنا على أن حمل الآية والحديث على ذلك مما لا يكاد يتبادر إلى الذهن فالنقض بمانع الزكاة في غاية القوة وأشار الى ما نقل عن المزنى مع جوابه بقوله : لا يقال : لا قتل بالحاضرة لأنه لم يخرجها عن وقتها ولا بالخارجة عنه لأنه لا قتل بالقضاء وان وجب فورا لأنا نقول : بل يقتل بالحاضرة اذا أمر بها من جهة الامام أو نائبه دون غيرهما فيما يظهر في الوقت عند ضيقه وتوعد على إخراجها عنه فامتنع حتى خرج وقتها لأنه حينئذ معاند للشرع عنادا يقتضى مثله القتل فهو ليس لحاضرة فقط ولا لفائتة فقط بل لمجموع الامرين الامر والاخراج مع التصميم ثم إنهم قالوا : يستتاب تارك الصلاة فورا ندبا وفارق الوجوب في المرتد بأن ترك استتابته توجب تخليده في النار اجماعا بخلاف هذا ولا يضمن عندهم من قتله قبل التوبة مطلقا لكنه يأثم من جهة الافتيات على الامام وتمام الكلام في ذلك يطلب من محله .
واستدل بالآية أيضا كما قال الجلال السيوطي من ذهب الى كفر تارك الصلاة ومانع الزكاة وليس ذلك بشىء والصحيح أنهما مؤمنان عاصيان ولا يشعر بالكفر خارج مخرج التغليض إن الله غفور رحيم .
5 .
- يغفر لهم ما قد سلف منهم ويثيبهم بايمانهم وطاعتهم وهو تعليل للامر بتخلية السبيل وإن أحد شروع في بيان حكم المتصدين لمبادىء التوبة من سماع كلام الله تعالى والوقوف على شعائر الدين اثر بيان حكم التائبين عن الكفر والمصرين عليه وفيه ازاحة ما عسى يتوهم من قوله سبحانه : فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين