والأخيذ الأسير وفسر الأسر بالربط لا لاسترقاق فإن مشركي العرب لا يسترقون وقيل : المراد إمهالهم للتخيير بين القتل والاسلام وقيل : هو عبارة عن أذيتهم بكل طريق ممكن وقد شاع في العرف الأخذ على الاستيلاء على مال العدو فيقال : إن بني فلان أخذوا بني فلان أي إستولوا على أموالهم بعد أن غلبوهم واحصروهم قيل أي أحبسوهم .
ونقل الخازن عن ابن عباس Bهما أن المراد امنعوهم عن الخروج إذا تحصنوا منكم بحصن ونقل غيره عنه أن المعنى حيلوا بينهم وبين المسجد الحرام واقعدوا لهم كل مرصد أي كل ممر ومجتاز يجتازون منه في أسفارهم وانتصابه عند الزجاج ومن تبعه على الظرفية ورده أبو علي بأن المرصد المكان الذي يرصد فيه العدو فهو مكان مخصوص لا يجوز حذف في منه ونصبه على الظرفية إلا سماعا وتعقبه أبو حيان بأنه لا مانع من انتصابه على الظرفية لأن قوله تعالى : واقعدوا لهم ليس معناه حقيقة القعود بل المراد ترقبهم وترصدهم فالمعنى ارصدوهم كل مرصد يرصد فيه والظرف مطلقا ينصبه باسقاط في فعل من لفظه أو معناه نحو جلست و قعدت مجلس الأمير والمقصور على السماع ما لم يكن كذلك و كل وإن لم يكن ظرفا لكن له حكم ما يضاف اليه لأنه عبارة عنه .
وجوز ابن المنير أن يكون مرصدا مصدرا ميميا فهو مفعول مطلق والعامل فيه الفعل الذي بمعناه كأنه قيل : وارصدوهم كل مرصد ولا يخفى بعده وعن الأخفش أنه منصوب بنزع الخافض والأصل على كل مرصد فلما حذف على انتصب وأنت تعلم أن النصب بنزع الخافض غير مقيس خصوصا إذا كان الخافض على فانه يقل حذفها حتى قيل : إنه مخصوص بالشعر فان تابوا عن الشرك بالايمان بسبب ما ينالهم منكم وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة تصديقا لتوبتهم وايمانهم واكتفى بذكرهما لكونهما رئيسي العبادات البدنية والمالية فخلوا سبيلهم أي فاتركوهم وشأنهم ولا تتعرضوا لهم بشيء مما ذكر .
وقيل : المراد خلوا بينهم وبين البيت ولا تمنعوهم عنه والأول أولى وقد جاءت تخلية السبيل في كلام العرب كناية عن الترك كما في قوله : خل السبيل لمن يبني المنار به وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر ثم يراد منها في كل مقام ما يليق به ونقل عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه إستدل بالآية على قتل تارك الصلاة وقتال مانع الزكاة وذلك لأنه تعالى أباح دماء الكفار بجميع الطرق والأحوال ثم حرمها عند التوبة عن الكفر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فما لم يوجد هذا المجموع تبقى إباحة الدم على الأصل ولعل أبا بكر رضى الله تعالى عنه استدل بها على قتال مانعي الزكاة وفي الحواشى الشهابية أن المزني من جلة الشافعية رضى الله تعالى عنهم أورد على قتل تارك الصلاة تشكيكا تحيروا فيدفعه كما قال السبكى في طبقاته فقال إنه لا يتصور لأنه إما أن يكون على ترك صلاة قد مضت أو لم تأت والأول باطل لأن المقضية لا يقتل بتركها والثاني كذلك لأنه ما لم يخرج لوقت فله التأخير فعلام يقتل وسلكوا في الجواب مسالك .
الأول أن هذا وارد أيضا على القول بالتعزير والضرب والحبس كما هو مذهب الحنفية فالجواب الجواب وهو جدلى والثاني أنه على الماضية لأنه تركها بلا عذر ورد بأن القضاء لا يجب على الفور وبأن الشافعى