رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فيفشونه حتى يبلغ المشركين فنهوا عن ذلك وأخرج أبو الشيخ وغيره عن جابر بن عبدالله أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان إن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم مريدكم فخذوا حذركم فنزلت وتخونوا أماناتكم عطف على المجزوم أولا والمراد النهي عن خيانة الله تعالى والرسول وخيانة بعضهم بعضا والكلام عند بعض على حذف مضاف أي أصحاب أماناتكم ويجوز أن تجعل الأمانة نفسها مخونة وجوز أبو البقاء أن يكون الفعل منصوبا بإضمار أن بعد الواو في جواب النهي كما في قوله : لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم والمعنى لا تجمعوا بين الخيانتين والأول أولى لأن فيه النهي عن كل واحد على حدته بخلاف هذا فإنه نهي عن الجمع بينهما ولا يلزمه النهي عن كل واحد على حدته وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير الأمانات بالأعمال التي ائتمن الله تعالى عليها عباده وقرأ مجاهد أمانتكم بالتوحيد وهي رواية عن أبي عمرو ولا منافاة بينها وبين القراءة الأخرى وأنتم تعلمون .
72 .
- أي تبعة ذلك ووباله أو أنكم تخونون أو وأنتم علماء تميزون الحسن من القبيح فالفعل إما متعد له مفعول مقدر بقرينة المقام أو منزل منزلة اللازم قيل : وليس المراد بذلك التقييد على كل حال واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة لأنها سبب الوقوع في الإسم والعقاب أو محنة من الله D يختبركم بها فلا يحملنكم حبها على الخيانة كأبي لبابة ولعل الفتنة في المال أكثر منها في الولد ولذا قدمت الأموال على الأولاد ولا يخفى ما في الأخبار من المبالغة .
وجاء عن ابن مسعود ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة لأن الله سبحانه يقول : واعلموا أنما أموالكم الخ فمن إستعاذ منكم فاليستعذ بالله تعالى من مضلات الفتن ومثله عن علي كرم الله تعالى وجهه وأن الله عنده أجر عظيم .
82 .
- لمن مال إليه سبحانه وآثر رضاه عليهما وراعى حدوده فيهما فأنيطوا هممكم بما يؤديكم إليه يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله في كل ما تأتون وما تذرون يجعل لكم بسبب ذلك الإتقاء فرقانا أي هداية ونورا في قلوبكم تفرقون به بين الحق والباطل كما روي عن ابن جريج وابن زيد أو نصرا يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين كما قال الفراء أو نجاة في الدارين كما هو ظاهر كلام السدي أو مخرجا من الشبهات كما جاء عن مقاتل أو ظهورا يشهر أمركم وينشر صيتكم كما يشعر به كلام محمد بن إسحق من بت أفعل كذا حتى سطع الفرقان أي الصبح وكل المعاني ترجع إلى الفرق بين أمرين وجوز بعض المحققين الجمع بينها ويكفر عنكم سياءتكم أي يسترها في الدنيا ويغفر لكم بالتجاوز عنها في الأخرى فلا تكرار وقد يقال : مفعول يغفر الذنوب وتفسر بالكبائر وتفسر السيئات بالصغائر أو يقال : المراد ما تقدم وما تأخر لأن الآية في أهل بدر وقد غفر لهم .
ففي الخبر لعل الله تعالى أطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم والله ذو الفضل العظيم .
92 .
- تعليل لما قبله وتنبيه على أن ما وعد لهم على التقوى تفضل منه سبحانه وإحسان وأنها بمعزل عن أن توجب عليه جل شأنه