شيئا قيل : ومن عظيم فضله تعالى أنه يتفضل من غير واسطة وبدون إلتماس عوض ولا كذلك غيرهم سبحانه ثم أنه D لما ذكر من ذكر نعمته بقوله تعالى : واذكروا إذ أنتم قليل الخ ذكر نبيه E النعمة الخاصة به بقوله عز من قائل : وإذ يمكر بك الذين كفروا فهو متعلق بمحذوف وقع مفعولا لفعل محذوف معطوف على ما تقدم أو منصوب بالفعل المضمر المعطوف على ذلك أي واذكر نعمته تعالى عليك إذ أو اذكر وقت مكرهم بك ليثبتوك بالوثاق ويعضده قراءة ابن عباس ليقيدوك وإليه ذهب الحسن ومجاهد وقتادة أو بالإثخان بالجرح من قولهم : ضربه حتى أثبته لا حراك به ولا براح وهو المروي عن أبان وأبي حاتم والجبائي وأنشد فقلت ويحكم ما في صحيفتكم .
قالوا الخليفة أمسى مثبتا وجعا أو بالحبس في بيت كما روي عن عطاء والسدي وكل الأقوال ترجع إلى أصل واحد وهو جعله صلى تعالى الله عليه وسلم ثابتا في مكانه أعم من أن يكون ذلك بالربط أو الحبس أو الإثخان بالجراح حتى لا يقدر على الحركة ولا يرد أن الإثخان إن كان بدون قتل فلا ذكر له فيما إشتهر من القصة وإن كان بالقتل يتكرر مع قوله تعالى : أو يقتلوك لأنا نختار الأول ولا يلزم أن يذكر في القصة لأنه قد يكون رأى من لا يعتد برأيه فلم يذكروا المراد على ما تقتضيه أو يقتلوك بسيوفهم أو يخرجوك أي من مكة وذلك على ما ذكر ابن إسحق أن قريشا لما رأت أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم من غير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة فحذروا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا في دار الندوة هي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها يتشاورون فيها ما يصنعون في أمره E فلما إجتمعوا كما قال ابن عباس لذلك وإتعدوا أن يدخلوا الدار ليتشاوروا فيها غدوا في اليوم الذي إتعدوا فيه وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس عليه اللعنة في هيئة شيخ جليل عليه بدلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا : من الشيخ قال : شيخ من أهل نجد سمع بالذي إتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا قالوا : أجل فادخل فدخل معهم وقد إجتمع أشراف قريش فقال بعضهم لبعض : إن هذا الرجل قد كان من أمره ما رأيتم وإنا والله ما نأمنه قال : فتشاوروا ثم قال قائل 1 منهم : إحبسوه في الحديد واغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم فقال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا برأي والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتموه دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبتوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره فتشاوروا ثم قال قائل 2 منهم : نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت قال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به والله لو فعلتم