والمراد بالناس على الأول وهو الأظهر إما كفار قريش أو كفار العرب كما قال عكرمة لقربهم منهم وشدة عداوتهم لهم وعلى الثاني فارس والروم .
وأخرج الديلمي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قيل : يا رسول الله ومن الناس قال : أهل فارس والتخطف كالخطف الأخذ بسرعة وفسر هنا بالإستلاب أي واذكروا حالكم وقت قلتكم وذلتكم وهوانكم على الناس وخوفكم من إختطافكم أو اذكروا ذلك الوقت فآواكم أي إلى المدينة أو جعل لكم مأوى تتحصنون به من أعدائكم وأيدكم بنصره بمظاهرة الأنصار أو بإمداد الملائكة يوم بدر أو بأن قوى شوكتكم إذ بعث منكم من تضطرب قلوب أعدائكم من اسمه ورزقكم من الطيبات من الغنائم ولم تطب إلا لهذه الأمة وقيل : هي عامة في جميع ما أعطاهم من الأطعمة اللذيذة والأول أنسب بالمقام والإمتنان به هنا أظهر والثاني متعين عند من يجعل الخطاب للعرب لعلكم تشكرون .
62 .
- هذه النعم الجليلة يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول أصل الخون النقص كما أن أصل الوفاء الإتمام واستعماله في ضد الأمانة لتضمنه إياه فإن الخائن ينقص المخون شيئا مما خانه فيه اعتبر الراغب في الخيانة أن تكون سرا والمراد بها هنا عدم العمل بما أمر الله تعالى به ورسوله E وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن خيانة الله سبحانه بترك فرائضه والرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بترك سننه وارتكاب معصيته .
وقيل : المراد النهي عن الخيانة بأن يضمروا خلاف ما يظهرون أو يغلوا في الغنائم وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله تعالى عنه أن المراد بها الإخلال بالسلاح في المغازي وذكر الزهري والكلبي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة وفي رواية البيهقي خمسا وعشرين فسألوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الصلح كما صالح إخوانهم بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرعات من أرض الشام فأبى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يعطيهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأبوا وقالوا : أرسل لنا أبا لبابة رفاعة بن عبد المنذر وكان مناصحا لهم لأن ماله وولده وعياله كان عندهم فبعثه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأتاهم فقالوا : يا أبا لبابة ما ترى أننزل على حكم سعد بن معاذ فأشار بيده إلى حلقه يعني أنه الذبح فلا تفعلوا قال أبو لبابة : والله ما زالت قدماي عن مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله تعالى ورسوله E ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وشد نفسه 1 على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله تعالى علي فلما بلغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خبره قال : أما لو جاءني لأستغفرت له أما إذا فعل ما فعل فإني لا أطلقه حتى يتوب الله تعالى عليه فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ثم تاب الله تعالى عليه فقيل له : يا أبا لبابة قد تيب عليك فقال : والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذي يحلني فجاءه E فحله بيده ثم قال أبو لبابة : إن تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : يجزيك الثلث أن تصدق به فنزلت فيه هذه الآية وقال السدي : كانوا يسمعون الشيء من