وقع حالا من كل بنان وضعف كونه حالا من بنان بأن فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف ذلك إشارة إلى الضرب والأمر به أو إلى جميع ما مر والخطاب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل من ذكر قبل من الملائكة والمؤمنين على البدل أو لكل أحد ممن يليق بالخطاب وجوز أن يكون خطابا للجمع والكاف تفرد مع تعدد من خوطب بها وليست كالضمير على ما صرحوا به ومحل الاسم الرفع على الإبتداء وخبره قوله سبحانه وتعالى : بأنهم شاقوا الله ورسوله وقال أبو البقاء : إن ذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلك وليس الأمر ذلك والباء للسببية والمشافة للعدواة وسميت بذلك أخذا من شق العصا وهي المخالفة أو لأن كلا من المتعاديين يكون في شق غير شق الآخر كما أن العدواة سميت عداوة لأن كلا منهما في عدوة أي جانب وكما أن المخاصمة من الخصم بمعنى الجانب أيضا والمراد بها هنا المخالفة أي ذلك ثابت لهم أو واقع عليهم بسبب مخالفتهم لمن لا ينبغي لهم مخالفته بوجه من الوجوه ومن يشاقق الله ورسوله أي يخالف أمر الله تعالى ورسوله E والإظهار في مقام الإضمار لتربية المهابة وإظهار كمال شناعة ما إجترأوا عليه والإشعار بعلية الحكم وبئس خطيب القوم أنت إقتضاه الجمع على وجه لا يبين منه الفرق ممن هو في ربقة التكليف وأين هذا من ذاك لو وقع ممن لا حجر عليه وإنما لم يدغم المثلان لأن الثاني ساكن في الأصل والحركة لإلتقاء الساكنين فلا يعتد بها وقوله تعالى : فإن الله شديد العقاب إما نفس الجزاء قد حذف منه العائد عند من يلتزمه ولا يكتفي بالفاء في الربط أي شديد العقاب له أو تعليل للجزاء المحذوف أي يعاقبه الله تعالى فإن الله شديد العقاب وأيا ما كان فالشرطية بيان للسببية السابقة بطريق برهاني كأنه قيل : ذلك العقاب الشديد بسبب المشاقة لله تعالى ورسوله E وكل من يشاقق الله ورسوله كائنا من كان فله بسبب ذلك عقاب شديد فاذن لهم بسبب مشاقة الله ورسوله عقاب شديد وقيل : هو وعيد بما أعد لهم في الآخرة بعد ما حاق بهم في الدنيا قال بعض المحققين : ويرده قوله سبحانه وتعالى : ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار .
41 .
- فإنه مع كونه هو المسوق للوعيد بما ذكر ناطق بكون المراد بالعقاب المذكور ما أصابهم عاجلا سواء جعل ذلكم إشارة إلى نفس العقاب أو إلى ما تفيده الشرطية من ثبوته لهم أما على الأول فلأن الأظهر أن محله النصب بمضمر يستدعيه فذوقوه والواو في وأن للكافرين الخ بمعنى مع فالمعنى باشروا ذلكم العقاب الذي أصابكم فذوقوه عاجلا مع أن لكم عذاب النار آجلا فوقع الظاهر موضع الضمير لتوبيخهم بالكفر وتعليل الحكم به وأما على الثاني فلأن الأقرب أن محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وقوله سبحانه وتعالى : و أن الخ معطوف عليه والمعنى حكم الله تعالى ذلكم أي ثبوت هذا العقاب لكم عاجلا وثبوت عذاب النار آجلا وقوله تعالى : فذوقوه إعتراض وسط بين المعطوفين للتهديد والضمير على الأول لنفس المشار إليه وعلى الثاني لما في ضمنه اه .
واعترض على الإحتمال الأول بأن الكلام عليه من باب الإشتغال وهو إنما يصح لو جوزنا صحة الإبتداء في ذلكم وظاهر أنه لا يجوز لأن ما بعد الفاء لا يكون خبرا إلا إذا كان المبتدأ موصولا أو نكرة موصوفة ورد بأنه ليس متفقا عليه فإن الأخفش جوزه مطلقا وتقدير باشروا مما إستحسنه أبو البقاء وغيره قالوا : لتكون الفاء عاطفة لا زائدة أو جزائية كما في نحو زيدا فاضربه على كلام فيه وبعضهم يقدر