وعدى الوصف بعن إعتبارا لأصل معناه وهو السؤال والبحث وقيل : لأنه ضمن معنى الكشف ولولا ذلك لعدى بالباء وجوز أبو البقاء أن تكون عن بمعنى الباء وروي عن الحبر وابن مسعود أنهما قرآبها .
والجملة التشبيهية في محل نصصب على أنها حال من مفعول يسألونك أي مشبها حالك عندهم بحال من هو حفي وقيل : إن عنها متعلق بيسألونك والجملة التشبيهية معترضة وصلة حفي أي بها أو بهم بناء على ما قيل إن حفي من الحفاوة بمعنى الشفقة فإن قريشا قالوا له E : إن بيننا وبينك قرابة فقل لنا متى الساعة وروى ذلك عن قتادة وترجمان القرآن أيضا والمعنى عليه أنهم يظنون أن عندك علمها لكن تكتمه فلشفقتك عليهم طلبوا منك أن تخصهم به وتعلق عن على هذا الوجه بمحذوف كتخبرهم وتكشف لهم عنها بعيد وقيل : هو من حفي بالشيء إذا فرح به وروي ذلك عن مجاهد والضحاك وغيرهما والمعنى كأنك فرح بالسؤال عنها تحبه و عن على هذا متعلقة بحفي كما قيل : لتضمنه معنى السؤال والكلام على ما قال شيخ الإسلام إستئناف مسوق لبيان خطئهم في توجيه السؤال إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بناء على زعمهم أنه E عالم بالمسئول عنه أو أن العلم بذلك من مقتضيات الرسالة إثر بيان خطئهم في أصل السؤال بإعلام بيان المسئول عنه وفي الإنتصاف في توجيه تكرير يسألونك أن المعهود في أمثال ذلك أن الكلام إذا بني على مقصد وعرض في أثنائه عارض فأريد الرجوع لتتمة المقصد الأول وقد بعد عهده طرى ذكره لتتصل النهاية بالبداية وهنا لما ابتدأ الكلام بقوله سبحانه : يسألونك عن الساعة أيان مرساها ثم اعترض ذكر الجواب بقل إلى بغتة أريد تتمة سؤالهم عنها بوجه الإنكار عليهم وهو المضمن في قوله سبحانه : كأنك حفي عنها وهو شديد التعلق بالسؤال وقد بعد عهده فطرى ذكره ليليه تمامه ولا تراه أبدا يطري إلا بنوع من الإجمال ومن ثم لم يذكر المسئول عنه وهو الساعة إكتفاء بما تقدم ثم لما كرر جل وعلا السؤال لهذه الفائدة كرر الجواب أيضا مجملا فقال عز من قائل : قل إنما علمها عند الله ومنه يعلم وجه ذكر الإسم الجليل هنا وذكر المحقق الأول أنه E أمر بإعادة الجواب الأول تأكيدا للحكم وتقريرا له وإشعارا بعلته على الطريقة البرهانية بإيراد اسم الذات المنبيء عن استتباعها لصفات الكمال التي من جملتها العلم وتمهيدا للتعريض بجهلهم بقوله تعالى : ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
781 .
- وزعم الجبائي أن السؤال الأول كان عن وقت قيام الساعة وهذا السؤال كان عن كيفيتها وتفصيل ما فيها من الشدائد والأحوال قيل : ولذلك خص جوابه باسم الذات إذ هو أعظم الأسماء مهابة وإلى ذلك ذهب النيسابوري ونقل عن الإمام وغيره ولا أرى لهم مسندا في ذلك ومفعول العلم على ما يشير إليه كلام بعضهم محذوف أي لا يعلمون ما ذكر من إختصاص علمها به تعالى فبعضهم ينكرها رأسا فلا يسأل عنها إلا متلاعبا وبعضهم يعلم أنها واقعة البتة ويزعم أنك واقف على وقت وقوعها فيسأل جهلا وبعضهم يزعم أن العلم بذلك من مقتضيات الرسالة فيتخذ السؤال ذريعة إلى القدح فيها والواقف على جلية الحال ويسأل إمتحانا ملحق بالجاهلين لعدم عمله بعلمه هذا وإنما أخفى سبحانه أمر الساعة لإقتضاء الحكمة التشريعية ذلك فإنه أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك ولو قيل بأن الحكمة التكوينية تقتضي ذلك أيضا لم يبعد وظاهر الآيات أنه E لم يعلم وقت قيامه نعم علم E قربها على الإجمال وأخبر صلى الله تعالى عليه وسلم به فقد أخرج الترمذي وصححه