إلى أن يقال : إنما علم وقت إرسائها عنده D وبعضهم حيث غفل عن النكتة المشار إليها حمل النظم الجليل على حذف المضاف وإليه يشير كلام أبي البقاء ومعنى كون ذلك عنده D خاصة أنه استأثر به حيث لم يخبر أحدا به من ملك مقرب أو نبي مرسل والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله تعالى عليه وسلم قيل للإيذان بأن توفيقه E للجواب على الوجه المذكور من باب التربية والإرشاد وهو أولى مما سنشير إليه إن شاء الله تعالى وقوله سبحانه : لايجليها لوقتها إلا هو بيان لإستمرار خفائها إلى حين قيامها وإقناط كلي عن إظهار أمرها بطريق الإخبار والتجلية الكشف والإظهار واللام لام التوقيت واختلف فيها فقيل هي بمعنى في وقال ابن جني : بمعنى عند وقال الرضي : هي اللام المفيدة للإختصاص وهو على ثلاثة أضرب إما أن يختص الفعل بالزمان لوقوعه فيه ككتبت لغرة كذا أو لوقوعه بعده نحو لخمس خلون أو قبله نحو الليلة بقيت وع الإطلاق يكون الإختصاص لوقوعه فيه وإلا فحسب القرينة وفسرها هنا غير واحد بفي .
والمعنى لا يكشف عنها ولا يظهر للناس أمرها الذي تسألون عنه إلا الرب سبحانه بالذات من غير أن يشعر به أحد من المخلوقين فيتوسط في إظهاره لهم لكن لا بأن لا يخبرهم بوقتها كما هو المسئول بل بأن يقيمها فيعلموها على أتم وجه والجار والمجرور متعلق بالتجلية وهو قيد لها بعد ورود الإستثناء كأنه قيل : لا يجليها إلا هو في وقتها إلا أنه قدم للتنبيه من أول الأمر على أن تجليها ليس بطريق الإخبار بوقتها بل بإظهار عينها في وقتها الذي يسألون عنه وقوله تعالى : ثقلت في السموات والأرض إستئناف كما قبله مقرر لما سبق والمراد كبرت وعظمت على أهلهما حيث لم يعلموا وقت وقوعها وعن السدي أن من خفي عليه علم شيء كان ثقيلا عليه وعن قتادة أن المعنى عظمت على أهل السموات والأرض حيث يشفقون منها ويخافون شدائدها وفي رواية أخرى عنه أن المراد ثقل علمها عليهم فلا يعلمونها ويرجع إلى ما ذكر أولا وقيل : المعنى ثقلت عند الوقوع على نفس السموات حتى إنشقت وانتثرت نجومها وكورت شمسها وعلى نفس الأرض حتى سيرت جبالها وسجرت بحارها وكان ما كان فيها وإلى ذلك يشير ما روي عن ابن جريج وعليه فلا يحتاج إلى تقدير مضاف وكلمة على سائر الأوجه إستعارة منبهة على تمكن الفعل كما لا يخفى لا تأتيكم إلا بغتة أي إلا فجأة على حين غفلة أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لتقومن الساعة وقد نشر رجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد إنصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها يسئلونك كأنك حفي عنها أي عالم بها كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما أخرجه عنه ابن المنذر وغيره فحفي فعيل من حفي عن الشيء إذا بحث عن تعرف حاله وذكر بعضهم أن الحفاوة في الأصل الإستقصاء في الأمر للإعتناء به قال الأعشى : فإن تسألوا عني فيارب سائل حفي عن الأعشى به حيث أصعدا ومنه أحفاء الشارب وتطلق أيضا على البر واللطف كما قال تعالى : إنه كان حفيا والمعنى المراد هنا متفرع على المعنى الأول لأن من بحث عن شيء وسأل منه إستحكم علمه به فأريد به لازم معناه مجازا أو كناية