وقيل : المراد بالأسماء الصفات ويكون من قولهم طار إسمه في البلاد أي صيته ونعته والجمهور على الأول لقوله عز إسمه : فادعوه بها لأنه إما من الدعوة بمعنى التسمية كقولهم : دعوته زيدا أو بزيد أي سميته أو من الدعاء بمعنى النداء كقولهم : دعوت زيدا أي ناديته وعلى التقديرين إنما يلائم ظاهر المعنى الأول على ما قيل .
وذروا الذين يلحدون في أسمائه أي يميلون وينحرفون فيها عن الحق إلى الباطل يقال : ألحد إذا مال عن القصد والإستقامة ومنه لحد القبر لكونه في جانبه بخلاف الضريح فإنه في وسطه وقرأ حمزة هنا وفي فصلت يلحدون بالفتح من الثلاثي والمعنى واحد وروى أبو عبيدة عن الأحمر أن الحد بمعنى مارى وجادل ولحد بمعنى مال وانحرف واختار الواحدي قراءة الجمهور قال : ولا يكاد يسمع لأحد بمعنى ملحد والإلحاد في أسمائه سبحانه أن يسمى بما لا توقيف فيه أو بما يوهم معنى فاسدا كما في قول أهل البدو يا أبا المكارم يا أبيض الوجه يا سخي ونحو ذلك فالمراد بالترك المأمور به الإجتناب عن ذلك وباسمائه ما أطلقوه عليه تعالى وسموه به على زعمهم لا أسماؤه تعالى حقيقة وعلى ذلك يحمل ترك الإضمار بأن يقال : يلحدون بها وما قيل : إنه أريد بالأسماء التسميات فلذا ترك الإضمار ليس بشيء ومن فسر الإلحاد في الأسماء بما ذكر ذهب إلى أن أسماء الله تعالى توقيفية يراعى فيها الكتاب والسنة والإجماع فكل إسم ورد في هذه الأصول جاز إطلاقه عليه جل شأنه وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه وإن صح معناه وبهذا صرح أبو القاسم القشيري في مفاتيح الحجج ومصابيح النهج وفي أبكار الأفكار للآمدي ليس مأخذ جواز تسميات الأسماء الحسنى دليلا عقليا ولا قياسا لفظيا وإلا لكان تسمية الرب تعالى فقيها عاقلا مع صحة معاني هذه التسميات في حقه وهي العلم والفقه أولى من تسميته سبحانه وتعالى بكثير مما يشكل طاهره بل مأخذ ذلك إنما هو الإطلاق والأذن من الشارع فكل ما ورد الأذن به منه جوزناه وما ورد المنع منه منعناه وما لم يوجد فيه إطلاق ولا منع فقد قال بعض أصحابنا بالمنع منه ليس القول بالمنع مع عدم الدليل أولى من الآخر بل الحق في ذلك هو الوقف وهو أنا لا نحكم بجواز ولا منع والمتبع في ذلك كله الظواهر الشرعية كما هو المتبع في سائر الأحكام وهو أن يكون ظاهرا في دلالته وفي صحته ولا يشترط فيه القطع كما ذهب إليه بعض الأصحاب لكون المنع والجواز من الأحكام الشرعية والتفرقة بين حكم وحكم في إشتراط القطع في أحدهما دون الآخر تحكم لا دليل عليه انتهى وأنت تعلم أن المشهور التفرقة بين الأحكام الأصولية والإعتقادية والأحكام الفرعية العملية كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى قريبا وخلاصة الكلام في هذا المقام أن علماء الإسلام إتفقوا على جواز إطلاق الأسماء والصفات على الباري تعالى إذا ورد بها الأذن من الشارع وعلى إمتناعه إذا ورد المنع عنه واختلفوا حيث لا إذن ولا منع في جواز إطلاق ما كان سبحانه وتعالى متصفا بمعناه ولم يكن إطلاقه موهما نقصا بل كان مشعر بالمدح فمنعه جمهور أهل الحق مطلقا للخطر وجوزه المعتزلة مطلقا ومال إليه القاضي أبوبكر لشيوع إطلاق نحو خدا وتكرى من غير نكير فكان إجماعا ورد بأن الإجماع كاف في الأذن الشرعي إذا ثبت