واعترضه أيضا إمام الحرمين بأنه قول بالقياس وهو حجة في العمليات والأسماء والصفات من العمليات وروى بعضهم عنه التوقف وذكر في شرح المواقف أن القاضي أبابكر ذهب إلى أن كل لفظ دل على معنى ثابت لله تعالى جاز إطلاقه عليه إذا لم يكن موهما لما لا يليق بذاته تعالى ثم قال : وقد يقال : لابد مع نفي ذلك الإبهام من الإشعار بالتعظيم حتى يصح الإطلاق بلا توقف وجعل مذهب المعتزلة غير مذهبه والمشهور ما ذكرناه .
وفصل الغزالي قدس سره فجوز إطلاق الصفة وهو ما دل على معنى زائد على الذات ومنع إطلاق الإسم وهو ما يدل على نفس الذات محتجا بإباحة الصدق وإستحبابه والصفة لتضمنها النسبة الخبرية راجعة إليه وهي لا تتوقف إلا على تحقق معناها بخلاف الإسم فإنه لا يتضمن النسبة الخبرية وأنه ليس إلا للأبوين أو من يجري مجراهما وأجيب بأن ذلك حيث لا مانع من إستعمال اللفظ الدال على تلك النسبة والخطر قائم وأين التراب من رب الأرباب .
واختار جمع من المتأخرين مذهب الجمهور قالوا : فيطلق ما سمع على الوجه الذي سمع ولا يتجاوز ذلك إلا في التعريف والتنكير سواء أوهم كالصبور والشكور والجبار والرحيم أو لم يوهم كالقادر والعالم والمراد بالسمعي ما ورد به كتاب أو سنة صحيحة أو إجماع لأنه غير خارج عنهما في التحقيق بخلاف الضعيفة والقياس أيضا إن قلنا : إن المسئلة من العمليات أما إن قلنا : إنها من العمليات فالسنة الضعيفة كالحسنة إلا الواهية جدا والقياس كالإجماع وأطلق بعضهم المنع في القياس وهو الظاهر لإحتمال إبهام أحد المترادفين دون الآخر .
وجعل بعضهم من الثابت بالقياس المترادفات من لغة أو لغات وليس بذاك ومن الثابت بالإجماع الصانع والموجود والواجب والقديم قيل : والعلة وقيل : الصانع والقديم مسموعان كالحنان والمنان ونص بعض المحققين على أنه يمنع إطلاق غير المضاف إذا كان مرادفا للمضاف المسموع قياسا كما يمنع إطلاق ما ورد على وجه المشاكلة والمجاز وأنه لا يكفي ورود الفعل والمصدر ونحوهما في صحة إطلاق الوصف فلا يطلق الحارث والزارع والرامي والمستهزيء والمنزل والماكر عليه سبحانه وتعالى وإن جاءت آيات تشعر بذلك .
هذا ومن الناس من قال : إن الألفاظ الدالة على الصفات ثلاثة أقسام : الأول ما يدل على صفات واجبة وهو أصناف : منها ما يصح إطلاقه مفردا لا مضافا نحو الموجود والأزلي والقديم وغيرها ومنها ما يصح إطلاقه مفردا وضافا إلى ما هجنة فيه نحو الملك والمولى والرب والخالق ومنها ما يصح مضافا غير مفرد نحو يا منشيء الرفات ومقيل العثرات والثاني ما يدل على صفات ممتنعة نحو اليد والوجه والنزول والمجيء فلا يصح إطلاقه البتة وإن ورد به السمع كان التأويل من اللوازم والثالث ما لايدل على صفات واجبة ولا ممتنعة بل يدل على معان ثابتة نحو المكر والخداع وأمثالهما فلا يصح إطلاقه إلا إذا ورد التوقيف ولا يقال : يا مكار يا خداع البتة وإن كان مذكورا ما يدل عليه كقوله تعالى : ومكروا ومكر الله انتهى ولا يخفى ما فيه وذكر الطيبي أن الحق الإعتماد في الإطلاق على الإطلاق على التوقيف وأن كل ما أذن الشارع أن يدعى به الله D سواء كان مشتقا أو غير مشتق فهو إسم وكل ما نسب إليه سبحانه وتعالى من غير ذلك الوجه سواء كان مؤولا أو غير مؤول فهو وصف وجعل الحي وصفا والكريم إسما وادعى أنه يقال يا كريم ولا يقال يا حي مع ورود اللفظين فيه سبحانه وتعالى فيما أخرجه أبو داود والترمذي من