مثل القوم الذين كذبوا بأيآتنا يريد كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أهل مكة كانوا يتمنون هاديا يهديهم وداعيا يدعوهم إلى طاعة الله تعالى ثم لما جاءهم من لا يشكون في صدقه وأمانته كذبوه وأعرضوا عن الآيات ولم يؤمنوا بها أو اليهود كما قال غير واحد حيث قرأوا نعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في التوراة وذكر القرآن المعجز وما فيه فصدقوه وبشروا الناس بإقتراب مبعثه وكانوا يستفتحون به فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فانسلخوا من حكم التوراة أو الأعم من هؤلاء وهؤلاء من كل من إتصف بهذا العنوان كما في الخازن وبه أقول ويدخل اليهود في ذلك دخولا أوليا فاقصص القصص القصص مصدر سمي به المفعول كالسلب واللام فيه للعهد والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها أي إذا تحقق أن المثل المذكور مثل هؤلاء المكذبين فاقصص ذلك عليهم لعلهم يتفكرون .
671 .
- فينزجرون عما هم عليه من الكفر والضلال والجملة في موضع الحال من ضمير المخاطب أو في موضع المفعول له أي فاقصص راجيا لتفكرهم أو رجاءا لتفكرهم ساء مثلا إستئناف مسوق لبيان كمال قبح المكذبين بعد البيان السابق وساء بمعنى بئس وفاعلها مضمر ومثلا تمييز مفسر له ويستغنى بتذكير التمييز وجمعه وغيرهما عن فعل ذلك بالضمير وأصلها التعدي لواحد والمخصوص بالذم قوله سبحانه وتعالى : القوم الذين كذبوا بآياتنا وحيث وجب صدق الفاعل والتمييز والمخصوص على شيء واحد والمثل مغاير للقوم لزم تقدير محذوف من المخصوص وهو الظاهر أو التمييز أي ساء مثلا مثل القوم أو ساء أهل مثل القوم .
وفي الحواشي الشهابية أنه قريء بإضافة مثل بفتحتين و مثل بكسر فسكون للقوم ورفعه فساء للتعجب وتقديرها على فعل بالضم كقضو الرجل و مثل القوم فاعل أي ما أسوأهم والموصول في محل جر صفة للقوم أو هي بمعنى بئس ومثل فاعل والموصول هو المخصوص في محل رفع بتقدير المضاف أي مثل الذين الخ .
وقدر أبو حيان في هذه القراءة تمييزا ورده السمين بأنه لا يحتاج إلى التمييز إذا كان الفاعل ظاهرا حتى جعلوا الجمع بينهما ضرورة وفيه ثلاثة مذاهب المنع مطلقا والجواز كذلك والتفصيل فإن كان مغايرا جاز نحو نعم الرجل شجاعا زيد وإلا إمتنع وبعضهم يجعل المخصوص محذوفا وفي كونه ما هو خلاف وإعادة القوم موصوفا بالموصول مع كفاية الضمير بأن يقال ساء مثلا مثلهم للإيذان بأن مدار السوء ما في حيز الصلة وليربط قوله سبحانه وتعالى : وأنفسهم كانوا يظلمون .
771 .
- به فإنه إما معطوف على كذبوا داخل معه في حكم الصلة بمعنى جمعوا بين أمرين قبيحين التكذيب وظلمهم أنفسهم خاصة أو منقطع عنه بمعنى وما ظلموا إلا أنفسهم فإن وبالها لا يتخطاها وأيا ما كان ففي ذلك لمح إلى أن تكذيبهم بالآيات متضمن للظلم بها وأن ذلك أيضا معتبر في القصر المستفاد من التقديم وصرح الطيبي والقطب وغيرهما أن الجملة على تقدير الإنقطاع تذييل وتأكيد للجملة التي قبلها ويشعر كلام بعضهم أن تقديم المفعول على الوجه الأول لرعاية الفاصلة وعلى الوجه الثاني للإشارة إلى التخصيص وأن سبب ظلمهم أنفسهم هو التكذيب وفيه خفاء كما لا يخفى هذا ثم إن هذه الآيات مما ترمي علماء السوء بثلاثة الأثافى وقد ذكر مولانا الطيبي طيب الله ثراه أن من تفكر في هذا المثل وسائر الأمثال المضروبة في التنزيل في حق المشركين والأصنام من بيت العنكبوت والذباب تحقق